{مِنْ قَبْلُ}: متعلقان بالفعل {حارَبَ}. و {قَبْلُ}: مبني على الضم لقطعه عن الإضافة لفظا لا معنى، أي: من قبل بناء مسجد الضرار. {وَلَيَحْلِفُنَّ}: الواو: حرف استئناف. اللام: لام الابتداء، مفيدة للتوكيد. (يحلفن): مضارع مرفوع، وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي الأمثال، وواو الجماعة المحذوفة المدلول عليها بالضمة فاعله. {إِنْ}: حرف نفي. {أَرَدْنا}:
فعل وفاعل. {إِلاَّ}: حرف حصر. {الْحُسْنى}: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الفعلية:{إِنْ أَرَدْنا..}. إلخ: جواب (يحلفنّ) لا محل لها من الإعراب. والقسم وجوابه كلام مستأنف لا محل له. {وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ}: انظر إعراب مثل هذه الجملة في الآية رقم [٤٢]، وما ذكرته من التعليق، وكسر همزة (إنّ) فيها.
الشرح:{لا تَقُمْ}: الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. فيه: في مسجد الضرار المذكور في الآية السابقة، والمعنى: لا تصل فيه. {أَبَداً}: انظر الآية رقم [٢٢]، {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى}:
المراد به مسجد قباء، أسسه النبي صلّى الله عليه وسلّم وصلى فيه أيام مقامه بقباء من الاثنين إلى الجمعة؛ لأنه الأوفق لما ذكر في الآية السابقة، أو هو مسجد الرسول صلّى الله عليه وسلّم في المدينة، لقول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنه، فقال:«هو مسجدكم هذا مسجد المدينة».
{مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} أي: من أيام وجوده وبنائه، هذا؛ وقيل:(من) هنا بمعنى (منذ) على حد قول زهير بن أبي سلمى: [الكامل]
لمن الدّيار بقنّة الحجر... أقوين من حجج، ومن دهر
أي: منذ حجج، ومنذ دهر، وقد دعا إلى هذا أن من أصول النحويين أن {مِنْ} لا يجر بها الأزمان، وإنما تجر الأزمان بمنذ، وانظر شرح {أَوَّلِ} في الآية رقم [١٤٣] من سورة (الأعراف)، {أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ}: أولى وأجدر بأن تقوم فيه للصلاة، والضمير يعود إلى المسجد المذكور، {فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} أي: من المعاصي والخصال المذمومة، طلبا لمرضاة الله تعالى، وقيل: من الجنابة، فلا ينامون عليها، والضمير يعود إلى مسجد قباء، {وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}: يرضى عنهم، ويدنيهم من جنابه تعالى، إدناء المحب حبيبه.
قيل: لما نزلت الآية الكريمة مشى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومعه المهاجرون، حتى وقف على باب مسجد قباء، فإذا الأنصار جلوس، فقال عليه الصلاة والسّلام:«أمؤمنون أنتم؟». فسكتوا، فأعادها، فقال عمر رضي الله عنه: إنهم مؤمنون، وأنا معهم، فقال عليه الصلاة والسّلام:«أترضون بالقضاء؟». قالوا: نعم، قال:«أتصبرون على البلاء؟». قالوا: نعم، قال: «أتشكرون في