للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك لأنه كان قد تنصر قبل الإسلام، وترهب، ولبس المسوح، فلما قدم الرسول صلّى الله عليه وسلّم المدينة، قال له أبو عامر: ما هذا الدين الذي جئت به، فقال: «جئت بالحنيفيّة السمحة دين إبراهيم».

قال أبو عامر: أنا عليها، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنك لست عليها». قال: بلى ولكنك أدخلت فيها ما ليس منها، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما فعلت، ولكن جئت بها بيضاء نقيّة». فقال: أمات الله الكاذب منا طريدا وحيدا غريبا، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «آمين». وسماه أبا عامر الفاسق، فلما كان يوم أحد؛ قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم، لا أجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك معهم، فلم يزل وكذلك إلى يوم حنين، فلما انهزمت هوازن خرج إلى الروم يستنصر بهم، وأرسل إلى المنافقين في المدينة، أن أعدوا ما استطعتم من قوة وسلاح، وابنوا لي مسجدا فإني ذاهب إلى قيصر، فآت بجند من الروم لأخرج محمدا من المدينة. فبنوا مسجد الضرار، إلى جانب مسجد قباء، ومات الخبيث بقنسرين كافرا، وأبو عامر هذا هو والد حنظلة غسيل الملائكة رضي الله عنه، فنعم الولد، وبئس الأب!

{وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى} أي: يحلف المنافقون بالله ما أردنا إلا الخصلة الحسنى، وهي الصلاة والذكر والتوسعة على المصلين، وانظر الآية رقم [٥٢] والمحال عليها.

{وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} أي: في إيمانهم وقولهم: ما أردنا إلا الحسنى، ويعلم خبثهم، وما انطووا عليه من شر وفساد، وسوء أعمال.

الإعراب: {وَالَّذِينَ}: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع معطوف على {وَآخَرُونَ} في الآية السابقة، التقدير: ومنهم الذين... إلخ، فهو عطف جملة اسمية على مثلها، هذا؛ ويجوز أن يكون مبتدأ خبره محذوف، التقدير: يعذبون ونحوه، هذا؛ ويقرأ بدون واو، فهو مبتدأ، ويكون خبره جملة: {لا تَقُمْ} وقال النحاس: يكون خبره {لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ..}. إلخ، وقال أبو البقاء: الخبر {أَفَمَنْ أَسَّسَ..}. إلخ، وفيه بعد شديد، هذا؛ وقال الزمخشري: منصوب على الاختصاص بفعل محذوف، أي: فيكون على الذم، وجملة:

{اِتَّخَذُوا مَسْجِداً} صلة الموصول لا محل لها. {ضِراراً}: مفعول لأجله، وقيل: مفعول ثان للفعل قبله، وقيل: حال، وقيل: مفعول مطلق لفعل محذوف، ومتعلقه محذوف، التقدير:

ضرارا لإخوانهم. {وَكُفْراً}: معطوف عليه على جميع الوجوه المعتبرة فيه، ومتعلقه محذوف التقدير: كفرا بالله وبرسوله. {وَتَفْرِيقاً}: معطوف على ما قبله. {بَيْنَ}: ظرف مكان متعلق بما قبله، أو بمحذوف صفة، و {بَيْنَ}: مضاف، و {الْمُؤْمِنِينَ}: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

{وَإِرْصاداً}: معطوف على ما قبله على جميع الوجوه المعتبرة فيهن. {لِمَنْ}: متعلقان بالمصدر قبلهما، و (من) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر باللام، وجملة: {حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ}: صلة (من)، أو صفتها، والعائد أو الرابط: رجوع الفاعل إليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>