للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانظر قول هند في أول سورة (الطارق). {وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ:} قال أبو عبيدة: الزرابيّ: البسط.

وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: الزرابي: الطنافس؛ التي لها خمل رقيق، واحدتها زربيّة.

وقاله الكلبي، والفراء. وال‍: {مَبْثُوثَةٌ} المبسوطة. وقيل: متفرقة في المجالس. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {فِيها:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم. {عَيْنٌ:} مبتدأ مؤخر. {جارِيَةٌ:} صفة {عَيْنٌ،} والجملة الاسمية يجوز فيها ما جاز بالجملة الفعلية قبلها، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها، وكذلك جملة: {فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ} يجوز فيها ذلك، وإعرابها مثلها. {وَأَكْوابٌ:} الواو: حرف عطف. (أكواب): معطوف على {سُرُرٌ،} و {مَوْضُوعَةٌ} صفة له، وكذا ما بعده معطوف على {سُرُرٌ} وصفتان لهما.

{أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠)}

الشرح: قال المفسرون: لما ذكر الله عزّ وجلّ مصير أهل الإيمان، والطاعة، ومصير أهل الكفر، والفجور؛ تعجب كفار قريش من ذلك، فكذبوا، وأنكروا، فذكرهم الله جليل صنعته، وعظيم قدرته، وأنه قادر على كل شيء، كما خلق الحيوانات، والسّماء، والأرض. وخصّ الإبل بالذكر، وقدّمها؛ لأنها من أنفس أموال العرب، ولهم فيها منافع كثيرة. والمعنى: أنّ الذي صنع لهم هذه الدنيا هو الذي صنع لأهل الجنة ولأهل النار ما صنع.

وتكلم علماء التفسير في وجه تخصيص الإبل بالذكر من بين سائر الحيوانات، فقال مقاتل:

لأن العرب لم يروا بهيمة قط أعظم منها، ولم يشاهدوا الفيل إلا النادر منهم. وقال الكلبي:

لأنها تنهض بحملها وقد كانت باركة. وقال قتادة: لما ذكر الله ارتفاع سرر الجنة، وفرشها.

قالوا: كيف نصعد؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وسئل الحسن البصري-رحمه الله تعالى-عن هذه الآية. وقيل له: الفيل أعظم في الأعجوبة، فقال: أما الفيل فإنّ العرب بعيدة العهد به، ثم هو لا خير فيه؛ لأنه لا يركب ظهره، ولا يؤكل لحمه، ولا يحلب درّه، والإبل أعز مال العرب، وأنفسه، تأكل النوى، والقت، وغيره، وتخرج اللبن. ومن منافع الإبل: أنها مع عظمها تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، حتى إن الصبي الصغير يأخذ بزمامها، فيذهب بها حيث شاء. ومنها: أنها فضلت على سائر الحيوانات بأشياء.

وذلك: أن جميع الحيوانات تقتنى إما للزينة، أو للركوب، أو للحمل، أو للّبن، أو لأجل اللحم، ولا توجد هذه الخصال إلا في الإبل، فإنها زينة، وتركب، فيقطع عليها المفازات

<<  <  ج: ص:  >  >>