بسم الله الرّحمن الرّحيم سورة (الحديد) مدنية في قول الجميع، وهي تسع وعشرون آية، وخمسمئة وأربع وأربعون كلمة، وألفان وأربعمئة، وستة وسبعون حرفا. انتهى. خازن. فعن العرباض بن سارية-رضي الله عنه-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم، كان يقرأ بالمسبّحات قبل أن يرقد، ويقول:«إن فيهنّ آية أفضل من ألف آية». يعني بالمسبحات:(الحديد، والحشر، والصف، والجمعة، والتغابن). أخرجه أحمد وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وقال الترمذي: حديث غريب.
أقول: لعل الاية المشار إليها في الحديث هي قوله تعالى في هذه السورة: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أو هي قوله تعالى في سورة (الحشر): {هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عالِمُ..}. إلخ إلى آخر السورة، ثلاث آيات، وأطلق عليهن لفظ آية تجوزا.
هذا؛ وسميت السورة سورة (الحديد)؛ لذكر الحديد فيها، وهو قوة الإنسان في السلم، والحرب، وعدته في البنيان، والعمران، فمن الحديد تبنى الجسور الضخمة، وتشاد العمائر الفخمة، وتصنع آلات الحروب من الدروع، والسيوف، والرماح، وتكون الدبابات، والطائرات، والغواصات... إلى غير ما هنالك من منافع، انظر شرح الاية رقم [٢٥].
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١)}
الشرح:{سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ} أي: مجد الله، وقدسه، ونزهه عن السوء. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-صلّى الله {ما فِي السَّماواتِ} ممن خلق من الملائكة. {وَالْأَرْضِ:} من شيء فيه روح، أو لا روح فيه. قال تعالى في سورة (الإسراء): {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} واختلف في هذا العموم، فقالت فرقة: المراد به تسبيح الدلالة، وكل محدث يشهد على نفسه بأن الله عز وجل خالق قادر. وقالت فرقة أخرى: هذا التسبيح حقيقة، وكل شيء على العموم يسبّح تسبيحا لا يسمعه البشر، ولا يفقهه. وهذا هو المعتمد. قال الزجاج-رحمه الله تعالى-: لو كان هذا تسبيح الدلالة، وظهور آثار الصنعة لكانت مفهومة، فلم قال:{وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ؟} ويستدل له بقوله تعالى في سورة (ص): {وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوّابٌ (١٧) إِنّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ}. وقوله جل ذكره في سورة (البقرة)