للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط مقدر ب‍ «إذا» التقدير: وإذا كان ما ذكر حاصلا وواقعا؛ فلا تقربوها، والجملة الشرطية معطوفة على الجملة الاسمية قبلها، لا محل لها مثلها. وقال أبو البقاء-رحمه الله تعالى-:

دخول الفاء هنا عاطفة على محذوف، تقديره: تنبهوا، فلا تقربوها.

{كَذلِكَ:} الكاف: حرف تشبيه وجر. و (ذا) اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، عامله الفعل الذي بعده، التقدير: يبين الله أحكام دينه، وشريعته للناس تبيينا مثل تبيينه أحكام الصيام في هذه الآيات، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {يُبَيِّنُ اللهُ:} مضارع، وفاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {آياتِهِ} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم. {لِلنّاسِ:} متعلقان بالفعل: {يُبَيِّنُ}. {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} انظر إعراب مثلها، ومحلها في الآية السابقة.

{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨)}

الشرح: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ:} لا يأخذ بعضكم مال البعض بالوجه الذي لم يبحه الشرع الشريف، والدين الحنيف. والتعبير ب‍ {أَمْوالَكُمْ} فيه منتهى الردع، والزجر عن أكل مال المسلم؛ لأنه يجب عليك أن تحافظ على ماله، كما تحافظ على مالك، ولأن الاعتداء على ماله كالاعتداء على مالك. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٨٤] فإنّه جيد، والحمد لله! وكلّ من أخذ مال غيره، لا على وجه إذن الشرع؛ فقد أكله بالباطل، ومن الأكل بالباطل أن يحكم الحاكم لك، وأنت تعلم أنك مبطل، فالحرام لا يصير حلالا بقضاء الحاكم؛ لأنه يقضي بالظاهر، فقد روى الأئمة عن أمّ سلمة-رضي الله عنها-قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّكم تختصمون إليّ، ولعلّ بعضكم يكون ألحن بحجّته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قطعت له من أخيه شيئا؛ فلا يأخذه، فإنّما أقطع له قطعة من نار». وانظر شرح (الباطل) في الآية رقم [٤٢] ويجمع (باطل) على: أباطيل شذوذا، كما شذّ: أحاديث، وأعاريض، وأفاظيع، في جمع: حديث، وعريض، وفظيع. وفي القرطبيّ: وجمع الباطل: بواطل، والأباطيل جمع:

البطولة.

هذا؛ وأخذ أموال الناس بالباطل يشمل، ويعمّ كلّ مال أخذ بدون وجه شرعيّ، وأبوابه كثيرة متنوعة، أذكر منها على سبيل المثال ما أشاع الفساد، والضّلال: الرّبا بآثامه وشروره، واستغلال النفوذ بأنواعه، وفجوره، والرّشوة بأنواعها، واحتكار البضائع لبيعها بثمن أعلى، وخزنها، وتصريفها بثمن أغلى، والذين يأخذون معاشاتهم، ولا يؤدون أعمالهم، ويقبضون

<<  <  ج: ص:  >  >>