للجهتين، فمنعهما الصرف للعلمية والتأنيث؛ لأن كلاهما معرفة ومزال عن بابه، وينبغي أن تعلم أن القراءة الأولى سبعية، وهي قراءة الجمهور، وأما القراءات الثلاث الأخيرة فمن الشواذ.
الإعراب: بعد هذا فإعراب هذه الآية ظاهر إن شاء الله تعالى؛ لأنه مثل إعراب الآية السابقة بلا فارق، هذا؛ وقد قال الزمخشري في كشافه: فإن قلت: كيف جاز الجمع بين (إن) التي هي للاستقبال، وبين (كان) التي هي للماضي، قلت: لأن المعنى: أنه يعلم إن كان قميصه قدّ، ونحوه قولك: إن أحسنت إلي فقد أحسنت إليك من قبل لمن يمتنّ عليك بإحسانه، تريد: إن تمتنّ علي أمتنّ عليك. انتهى. وإن ومدخولها كلام معطوف على ما قبله، فهو في محل نصب مقول القول أيضا.
الشرح:{فَلَمّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} أي: لما رأى قطفير القميص مشقوقا من خلفه، وعلم كذب زوجته، وصدق يوسف وبراءته، مما قذفته به؛ {قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ} أي: إن قولك: {ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ،} أو إن هذا الأمر، وهو طمعها في يوسف. {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ}: الخطاب لها ولأمثالها، أو لسائر النساء، وإنما كان كيدهن عظيما؛ لأنه ألصق، وأعلق بالقلب، وأشد تأثيرا في النفس، ولأنهن يواجهن الرجال به، والشيطان يوسوس مسارقة.
وقال بعض العلماء: أنا أخاف من النساء أكثر مما أخاف من الشيطان؛ لأن الله تعالى يقول:{إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً،} وقال للنساء: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} وقال مقاتل: عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن كيد النساء أعظم من كيد الشيطان؛ لأن الله تعالى يقول:{إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً،} وقال: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} ولا تنس قوله تعالى في سورة التحريم: {وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ»}.
الإعراب:{فَلَمّا}: الفاء: حرف استئناف. (لما): انظر الآية رقم [١٥]{رَأى}: ماض، وفاعله يعود إلى قطفير العزيز. {قَمِيصَهُ}: مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة:
{رَأى قَمِيصَهُ} لا محل لها على اعتبار (لمّا) حرفا، وفي محل جر بإضافة (لمّا) إليها على اعتبارها ظرفا. {قُدَّ}: ماض مبني للمجهول، ونائب فاعله يعود إلى:{قَمِيصَهُ}. {مِنْ دُبُرٍ}:
متعلقان بما قبلهما، وجملة:{قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} في محل نصب مفعول به ثان، إن كان (رأى) علميا، وفي محل نصب حال، إن كان بصريا، وتكون:«قد» قبلها مقدرة. {قالَ}: ماض، وفاعله يعود إلى قطفير أيضا. {إِنَّهُ}: حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {مِنْ كَيْدِكُنَّ}:
متعلقان بمحذوف خبر (إن)، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، والنون حرف دال على جماعة الإناث، والجملة الاسمية:{إِنَّهُ..}. إلخ في محل نصب مقول القول،