لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له. {قُرْآنَهُ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة. {ثُمَّ:} حرف عطف. {إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ} إعراب هذه الجملة مثل إعراب: {فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} بلا فارق بينهما، وهي معطوفة عليها، وعليه ف: (إذا) ومدخولها كلام معترض بينهما.
{كَلاّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١)}
الشرح: {كَلاّ:} ردع للكافرين، ومن على شاكلتهم من الفاسقين، وخطاب لهم فيه: أنهم منهمكون في جميع الدنيا، معرضوان عن الآخرة، والعمل لها. ومثل هاتين الآيتين قوله تعالى في سورة الدهر رقم [٢٧]: {إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً}. وقال الزمخشري، وتبعه البيضاوي، والنسفي: ردع لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن عادة العجلة، وإنكار لها، وحث على الأناة والتؤدة. ولا أسلمه أبدا. ولا تنس قوله تعالى في سورة (الروم) رقم [٧]:
{يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ}. وفي الآيتين التفات من الغيبة إلى الخطاب، وقرئ الفعلان بالياء على الغيبة.
الإعراب: {كَلاّ:} حرف ردع، وزجر. {بَلْ:} حرف إضراب. {تُحِبُّونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله. {الْعاجِلَةَ:} مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها، وإعرابها مثلها.
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥)}
الشرح: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ:} الأول من النضرة التي هي الحسن، والنعمة.
والثاني من النظر، أي: وجوه المؤمنين مشرقة حسنة ناعمة، يقال: نضرهم الله، ينضرهم نضرة، ونضارة، وهو الإشراق، والعيش، والغنى، ومنه الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري، وجمع من الصحابة-رضي الله عنهم-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «نضّر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها...» إلخ.
رواه البزار، وابن حبان. {إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ:} إلى خالقها، ومالكها ناظرة نظرا لا ريب فيه، ولا شك. {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ} أي: وجوه الكفار يوم القيامة كالحة كاسفة عابسة.
وفي المختار: بسر الرجل وجهه: كلح، وبابه دخل، يقال: عبس وبسر، وانظر سورة (المدثر) رقم [٢٢]. {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ:} توقن وتعلم، والفاقرة: الداهية والأمر العظيم، يقال: فقرته الفاقرة؛ أي: كسرت فقار ظهره. وقال الأصمعي: أصلها: الوسم على أنف البعير بحديدة، أو نار حتى يخلص إلى العظم، يقال: فقرت أنف البعير: إذا حززته بحديدة، ثم جعلت على موضع الحزّ الجرير-أي: الحبل-وعليه وتر ملويّ لتذلّله وتروّضه. قال النابغة: [الطويل]