للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في محل نصب متعلق بالفعل {يَكُونَ}. {قَضَوْا:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والواو فاعله، والألف للتفريق. {مِنْهُنَّ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {وَطَراً} على نحو ما رأيت آنفا، والنون حرف دال على جماعة الإناث، و (كي) والفعل {يَكُونَ} في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

{وَكانَ:} الواو: حرف استئناف. (كان): فعل ماض ناقص. {أَمْرُ:} اسم: (كان)، وهو مضاف، و {اللهُ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. {مَفْعُولاً:} خبر: (كان)، وجملة:

{وَكانَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. وقال الزمخشري: معترضة في آخر الكلام، ولا محل لها أيضا.

{ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨)}

الشرح: {ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ:} محمد صلّى الله عليه وسلّم. {مِنْ حَرَجٍ:} من إثم، ومؤاخذة. {فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ:} في الذي أحله الله له من زواجه بزينب، رضي الله عنها، وغيرها من النساء اللاتي مر ذكرهن، وعددهن. {سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ:} هذا رد لكل معترض على النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما أحل الله له، وهو إعلام بأن النكاح، ونحوه من المباحات سنة قديمة في الأنبياء، أن ينالوا ما أحله الله لهم، فقد كان لداود مائة امرأة حرة، وثلاثمائة سريّة، ولسليمان ثلاثمائة امرأة حرة وسبعمائة سريّة، و {سُنَّةَ} هنا بمعنى: الطريقة، والعادة المتبعة، والمراد بالذين خلوا: الأنبياء الذين مضوا قبل نبينا، عليه، وعليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام. {وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً} أي: قضاء مقضيا، وحكما مبتوتا: أن لا حرج على أحد فيما أحل له.

هذا؛ ولقد أحسن الدكتور محمد علي الصابوني جزاه الله خيرا الرد على من انتقد الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيما أحل الله له من التزوج بالنساء في رسالته: «شبهات وأباطيل حول تعدد زوجات الرسول صلّى الله عليه وسلّم» وبين: أن زواجه بكل واحدة كان لحكمة سامية. وأضيف: أن زواجه بأكثر من أربع نسوة، وجمعهن عنده هو من خصوصياته صلّى الله عليه وسلّم، فقد اختصه الله بأمور فيها ترفيه له، واختصه الله بأمور فيها تشديد عليه لرفع مقامه، وتكثير ثوابه، وعلو درجاته، انظر الآية رقم [٥٠] الآتية.

هذا؛ ومن أهم ما يدحض انتقاد المستشرقين، والملحدين في كل زمان، ومكان زواج الرسول صلّى الله عليه وسلّم بأكثر من أربع أمران: أولهما: أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يتزوج أكثر من أربع إلا بعد بلوغه سن الشيخوخة؛ أي بعد أن جاوز الخمسين من عمره؛ وثانيهما: أن جميع زوجاته الطاهرات ثيبات ما عدا السيدة عائشة، رضي الله عنها، فهي الوحيدة التي تزوجها في حالة الصبا، والبكارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>