للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، و (ما). تحتمل الموصولة، والموصوفة، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: بالذي، أو بشيء قدمته أيديهم.

والجملة الاسمية: {فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ} في محل جزم جواب الشرط، وأجيز اعتبار الجواب محذوفا، وعليه فالجملة الاسمية تعليل لهذا المحذوف، وقدر أبو البقاء ضميرا محذوفا. فقال:

فإن الإنسان منهم كفور، و (إن) ومدخولها معطوف على (إن) السابقة ومدخولها، لا محلّ له مثله.

{لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩)}

الشرح: {لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:} وما فيها من عبيد، ومال، وخلق، وأفلاك، وكواكب في السماء، وما على ظهر الأرض من جبال، وأنهار وبحار... إلخ، فكل ذلك ملك لله تعالى، لا يشركه فيه أحد، وما يملكه الإنسان في هذه الدنيا الفانية؛ فإنّما هو ملك له في الظاهر، قد منحه الله له؛ ليتمتع به على سبيل الوكالة، والأمانة، وويل لمن قصر في الوكالة، وخان في الأمانة! فاللام مفيدة للملك الحقيقي؛ الذي هو اتساع المقدور لمن له تدبير الأمور.

{يَخْلُقُ ما يَشاءُ} أي: من الخلق من غير لزوم عليه، ولا مجال للاعتراض. هذا؛ والملك بالضم: الاستيلاء على الشيء، والتمكن من التصرف فيه. وفي المصباح: وملك على الناس أمرهم ملكا من باب ضرب: إذا تولى السلطنة، فهو ملك، والاسم: الملك بضم الميم.

{يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً:} فلا يولد له ذكر. {وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ:} فلا يولد له أنثى، وأدخل الألف واللام على {الذُّكُورَ} دون الإناث؛ لأنهم أشرف منهن، فميزهم بسمة التعريف، وقال واثلة بن الأسقع الصحابي-رضي الله عنه-: إن من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، وذلك أنّ الله تعالى قال: {يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً..}. إلخ فبدأ بالإناث. انتهى. قرطبي. وقال البيضاوي: ولعلّ تقديم الإناث؛ لأنّهنّ أكثر لتكثير النسل، أو لأنّ مساق الآية للدلالة على أنّ الواقع ما يتعلّق به مشيئة الله، لا مشيئة الإنسان، والإناث كذلك، أو لأنّ الكلام في البلاء، والعرب تعدهن بلاء، أو لتطييب قلوب آبائهن، أو للمحافظة على الفواصل، ولذلك عرف الذكور، أو لجبر التأخير. انتهى. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {لِلّهِ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مُلْكُ:} مبتدأ مؤخر، وهو مضاف، و {السَّماواتِ:} مضاف إليه. و {وَالْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محلّ لها. {يَخْلُقُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى (الله). {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: يخلق الذي، أو شيئا يشاء خلقه، والجملة الفعلية في

<<  <  ج: ص:  >  >>