للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصدر؛ أي: أخذه أخذ نكال. ويجوز أن يكون مفعولا لأجله؛ أي: لأجل نكاله. انتهى سمين. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {فِي ذلِكَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {إِنَّ} تقدم على اسمها، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {لَعِبْرَةً:} اللام: لام الابتداء. (عبرة): اسم {إِنَّ} مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {لِمَنْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة (عبرة). {يَخْشى:} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، والفاعل يعود إلى (من) وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل له.

{أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٣)}

الشرح: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً:} الاستفهام للتوبيخ، والتقريع، والخطاب لكفار قريش، والمعنى: أخلقكم بعد الموت أشد، وأصعب، أم خلق السماء عندكم في تقديركم؟ فإن كلا الأمرين بالنسبة إلى قدرة الله واحد؛ لأن خلق الإنسان على صغره، وضعفه إذا أضيف إلى خلق السماء مع عظمها، وعظم أحوالها؛ كان يسيرا. فبين الله تعالى: أن خلقها أعظم، وإذا كان كذلك؛ كان خلقكم بعد الموت أهون على الله تعالى، فكيف تنكرون ذلك؟! مع علمكم بأنه خلق السموات، والأرض، ولا تنكرون ذلك؟ قال تعالى في سورة (غافر) رقم [٥٧]: {لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ،} وقال في سورة (يس) رقم [٨١]: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} وما يشبهها في الآية رقم [٣٣] من سورة (الأحقاف). {بَناها:} رفعها عالية فوقكم محكمة البناء، بلا عمد، ولا أوتاد تحملها. قال تعالى في سورة (الرعد) رقم [٢]: {اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها}.

{رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها} أي: رفع جرم السماء، وأعلى سقفها فوقكم، فجعلها مستوية، لا تفاوت فيها، ولا شقوق، ولا فطور. قال تعالى في سورة (الملك) رقم [٣]: {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ}. هذا؛ ويقال: سمكت الشيء؛ أي: رفعته في الهواء، وسمك الشيء سموكا:

ارتفع. قال الفرزدق من قصيدة يفخر فيها بقومه على جرير، وقومه-وهو الشاهد رقم [١١٢] من كتابنا: «فتح رب البرية» -: [الكامل]

إنّ الذي سمك السّماء بنى لنا... بيتا دعائمه أعزّ وأطول

وقد نقضها جرير بقصيدة من بحرها مع اختلاف حركة الروي حيث يقول: [الكامل]

أخزى الذي سمك السّماء مجاشعا... وبنى بناءك في الحضيض الأسفل

<<  <  ج: ص:  >  >>