للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بين الكلمتين أربعون سنة. قاله ابن عباس-رضي الله عنهما-والمعنى: أمهله في الأولى، ثم عذبه في الثانية، والنكال بمعنى التنكيل، كالسلام بمعنى التسليم، والنكال أيضا: اسم لما جعل نكالا للغير؛ أي: عقوبة له حتى يعتبر به. يقال: نكل فلان بفلان: إذا أثخنه عقوبة، والكلمة من الامتناع، ومنه النكول عن اليمين، والنكل: القيد. انظر سورة (المزمل) رقم [١٢].

هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [٦٦]: {فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} وقال جل ذكره في سورة (المائدة) رقم [٣٨]: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ}. {إِنَّ فِي ذلِكَ:} في إهلاك فرعون، وقومه. {لَعِبْرَةً:} لعظة، واعتبارا. {لِمَنْ يَخْشى:}

يخاف الله. ولا تنس الطباق بين {الْآخِرَةِ} و (الأولى) وهو من المحسنات البديعية.

هذا؛ وروى السلمي عن ابن عطاء: الخشية أتم من الخوف؛ لأنها صفة العلماء في قوله تعالى: {إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ} أي: العلماء به. وعن الواسطي: أوائل العلم الخشية، ثم الإجلال، ثم التعظيم، ثم الهيبة، ثم الفناء. وعن بعضهم: من تحقق بالخوف؛ ألهاه خوفه عن كل مفروح به، وألزمه الكمد إلى أن يظهر له الأمن من خوفه. وانظر ما نقلته عن الزمخشري في الآية رقم [١٩]. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {فَأَراهُ:} الفاء: حرف عطف. (أراه): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى موسى، والهاء مفعول به أول. {الْآيَةَ:} مفعول به ثان، والفعل بصري، لكنه تعدى إلى الثاني بالهمزة. {الْكُبْرى:} صفة {الْآيَةَ،} والجملة الفعلية معطوفة على الكلام المقدر قبلها. {فَكَذَّبَ:} الفاء: حرف عطف. (كذب): فعل ماض، والفاعل يعود إلى {فِرْعَوْنَ،} والمفعول محذوف، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، والتي بعدها معطوفة عليها أيضا، والمفعول محذوف أيضا، وجملة: {أَدْبَرَ} معطوفة أيضا. {يَسْعى:}

فعل مضارع مرفوع... إلخ، والفاعل يعود إلى {فِرْعَوْنَ} أيضا، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية في محل نصب حال من فاعل {أَدْبَرَ} المستتر، والرابط: الضمير فقط، وجملة: (حشر) وجملة: (نادى) كلتاهما معطوفتان على ما قبلهما. {فَقالَ:} الفاء: حرف عطف. (قال): فعل ماض، والفاعل يعود إلى (فرعون). {أَنَا:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {رَبُّكُمُ:} خبر المبتدأ، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {الْأَعْلى:} صفة له مرفوع مثله، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: (قال...) إلخ معطوفة على ما قبلها.

{فَأَخَذَهُ:} الفاء: حرف عطف. (أخذه): فعل ماض، والهاء مفعول به. {اللهُ:} فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. {نَكالَ:} مفعول مطلق عامله أخذ من معناه. قال الجمل: والتجوز إما في الفعل؛ أي: نكل بالأخذ نكال الآخرة والأولى، وإما في

<<  <  ج: ص:  >  >>