للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ل‍: {أَفَرَأَيْتُمْ} وهي دليل جواب الشرط. {أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ} معطوف هذا الكلام على ما قبله، وإعرابه مثله بلا فارق.

{قُلْ:} فعل أمر، مبني على السكون، وفاعله مستتر فيه تقديره: «أنت». {حَسْبِيَ:} مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لمفعوله. {اللهُ:} خبر المبتدأ. وهو فاعل بالمعنى، ويجوز اعتبار: {حَسْبِيَ} خبرا مقدما، ولفظ الجلالة مبتدأ مؤخرا. {عَلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما، والتقديم: يفيد الاختصاص، والحرص. {يَتَوَكَّلُ:} فعل مضارع. {الْمُتَوَكِّلُونَ:} فاعله مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الفعلية، والجملة الاسمية كلتاهما في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{قُلْ يا قَوْمِ اِعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَع???????? (٣٩)}

الشرح: {قُلْ:} هذا خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {اِعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ} أي: على غاية تمكنكم، واستطاعتكم. يقال: مكن مكانة: إذا تمكن أبلغ التمكين. أو المعنى: على ناحيتكم، وجهتكم، وحالتكم؛ التي أنتم عليها، من قولهم: مكان، ومكانة كمقام، ومقامة، ويقرأ: «(مكاناتكم)» بالجمع في كل القرآن. وهو أمر تهديد، ووعيد؛ أي: اثبتوا على كفركم، وعداوتكم. انظر ما ذكرته في الآية رقم [١٥]. {إِنِّي عامِلٌ} أي: ثابت على ما كنت عليه من المصابرة، والتوحيد، والإيمان. فحذف هذا الكلام للاختصار، أو المبالغة في الوعيد، والإشعار بأن حاله لا تقف، فإن الله يزيده على مر الشهور، والأعوام قوة، ونصرا، ولذلك توعدهم بكونه منصورا عليهم في الدارين، فقال: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} فهو تهديد ووعيد بصيغة المضارع؛ الذي هو للمستقبل بعد التهديد، والوعيد بصيغة الأمر. هذا؛ وقال البيضاوي: بتفسير {عَلى مَكانَتِكُمْ} على حالكم اسم مكان استعير للحال، كما استعير: هنا، وحيث من المكان إلى الزمان؛ أي: في كثير من الآيات.

هذا؛ وقد ذكرت الآية بحروفها في (الأنعام) برقم [١٣٥]، وذكرت في سورة (هود) برقم [٩٣] بدون اقتران سوف بالفاء، والسبب في ذلك: أن الفاء في السورتين للتصريح بأن الإصرار، والتمكن فيما هم عليه سبب لذلك، وحذفت في سورة (هود)؛ لأنه جواب سائل. قال: فماذا يكون بعد ذلك، فهو أبلغ في التهويل. انتهى. بيضاوي.

وقال النسفي: وإدخال الفاء في (سوف) وصل ظاهري بحرف وضع للوصل، ونزعها وصل تقديري بالاستئناف؛ الذي هو جواب لسؤال مقدر. كأنهم قالوا: فماذا يكون إذا عملنا على مكانتنا، وعملت أنت؟ فقال: سوف تعلمون. والإتيان بالوجهين للتفنن في البلاغة.

وأبلغهما الاستئناف. انتهى. وهذا الاستئناف يسمى في علم البيان بالاستئناف البياني.

<<  <  ج: ص:  >  >>