للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خبر عن {حم؛} لأنه يراد به السورة وبعض القرآن، و {تَنْزِيلٌ} بمعنى: منزل. {مِنَ الرَّحْمنِ} متعلقان ب‍: {تَنْزِيلٌ} أو بمحذوف صفة له. {الرَّحِيمِ:} بدل مما قبله.

{كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣)}

الشرح: {كِتابٌ:} المراد به: القرآن العظيم، وانظر شرحه في أول سورة (الزمر). {فُصِّلَتْ آياتُهُ:} بينات، وفسرت. وقال البيضاوي: ميزت باعتبار اللفظ، والمعنى، وفي الخطيب: فصلت آياته؛ أي: ميزت، وجعلت تفاصيل في معان مختلفة، فبعضها وصف ذات الله تعالى، وصفات التنزيه، والتقديس، وشرح كمال قدرته، وعلمه، وحكمته، ورحمته، وعجائب أحوال خلقه من السموات، والكواكب، وتعاقب الليل، والنهار، وعجائب أحوال النبات، والحيوان، والإنسان.

وبعضها في المواعظ، والنصائح، وبعضها في تهذيب الأخلاق، ورياضة النفس، وبعضها في قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام، وتواريخ الماضين، وبالجملة فمن أنصف؛ علم: أنه ليس في بدء الخلق كتاب اجتمع فيه من العلوم المختلفة مثل ما في القرآن. انتهى. جمل.

{قُرْآناً عَرَبِيًّا:} اختلف هل يمكن أن يقال: في القرآن شيء بغير العربية، فأنكر أبو عبيدة على من يقول ذلك أشد النكير، وروي عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة: أن فيه من غير العربية، مثل: (سجّيل، والمشكاة، واليمّ، وإستبرق)، ونحو ذلك. وهذا هو الصحيح المختار؛ لأن هؤلاء أعلم من أبي عبيدة بلسان العرب، وكلا القولين صواب، إن شاء الله تعالى. وجه الجمع بينهما: أن هذه الألفاظ لما تكلمت بها العرب، ودارت على ألسنتهم بسهولة؛ صارت عربية فصيحة، وإن كانت غير عربية في الأصل، وانظر شرح القرآن في سورة (الزمر) رقم [٢٧]. {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أي:

أن القرآن منزل من عند الله، أو يعلمون: أن الله إله واحد في التوارة، والإنجيل، أو يعلمون العربية، فيعجزون عن مثله، ولو كان غير عربي؛ لما علموه. انتهى. قرطبي بتصرف.

الإعراب: {كِتابٌ:} بدل من: {تَنْزِيلٌ،} أو خبر بعد خبر، أو خبر عن {تَنْزِيلٌ،} أو هو خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هذا كتاب. {فُصِّلَتْ:} فعل ماض مبني للمجهول، والتاء للتأنيث. {آياتُهُ:} نائب فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل رفع صفة: {كِتابٌ}. {قُرْآناً:} حال من: {كِتابٌ} وساغ ذلك لوصفه بالجملة الفعلية، أو حال من: {آياتُهُ،} وهي حال إما مقصودة و {عَرَبِيًّا} صفة لها، أو حال منها، أو حال أخرى من:

{كِتابٌ} أو هو حال موطئة، و {عَرَبِيًّا} هي الحال المقصودة. انتهى. جمل. وقال القرطبي:

في نصبه وجوه. قال الأخفش: هو نصب على المدح. وقيل: هو على إضمار فعل؛ أي: اذكر قرآنا عربيا. وقيل: على إعادة الفعل؛ أي: فصلنا قرآنا عربيا. وقيل: على حال؛ أي: فصّلت آياته في حال كونه قرآنا عربيا. انتهى. {لِقَوْمٍ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {فُصِّلَتْ،} أو

<<  <  ج: ص:  >  >>