هذا؛ وإن الرجل لا يستأذن على أهل بيته، ولكن يسن في حقه أن يسلم عليهم إذا دخل، وإذا دخل بيتا ليس فيه أحد؛ فيسن في حقه أن يقول: السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
قال قتادة-رحمه الله تعالى-: وذكر لنا: أن الملائكة ترد السّلام. وقال: إذا دخلت بيتك؛ فسلم على أهلك، فهم أحق من سلمت عليهم، فإن كان فيه معك أمك، أو أختك، فقالوا: تنحنح، واضرب برجلك؛ حتى ينتبها لدخولك؛ لأن الأهل لا حشمة بينك، وبينها، وأما الأم، والأخت، فقد تكونان على حالة لا تحب أن تراهما فيها. وقد روى عطاء بن يسار: أن رجلا قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: أستأذن على أمّي؟ قال:«نعم». قال إني أخدمها، قال:«استأذن عليها». فعاوده ثلاثا. قال:«أتحبّ أن تراها عريانة؟». قال: لا، قال:«فاستأذن عليها». ذكره الطبري.
الإعراب:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا:} انظر الآية رقم [٢١] ففيها الكفاية. {بُيُوتاً:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله عند بعض النحاة، وفي مقدمتهم سيبويه، رحمه الله تعالى. والمحققون -وعلى رأسهم الأخفش-ينصبونه على التوسع في الكلام بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب عندهم انتصاب المفعول به على السعة بإجراء اللازم مجرى المتعدي، ومثل ذلك قل في:(دخلت المدينة، ونزلت المدينة، وسكنت الشام){غَيْرَ:} صفة {بُيُوتاً،} و {غَيْرَ} مضاف، و {بُيُوتِكُمْ:} مضاف إليه، والكاف في محل جر بالإضافة. {حَتّى:} حرف غاية وجر بعدها «أن» مضمرة. {تَسْتَأْنِسُوا:} مضارع منصوب ب: «أن» المضمرة، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، و «أن» المضمرة، والمضارع في تأويل مصدر في محل جر ب:{حَتّى،} والجار والمجرور متعلقان بالفعل {لا تَدْخُلُوا}.
{وَتُسَلِّمُوا:} معطوف على ما قبله، فهو منصوب مثله... إلخ، والواو فاعله... إلخ. {عَلى أَهْلِها:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (ها): في محل جر بالإضافة. {ذلِكُمْ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له، والميم حرف دال على جماعة الذكور. {خَيْرٌ:} خبر المبتدأ. {ذلِكُمْ:} متعلقان ب: {خَيْرٌ،} والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ:} انظر مثلها في الآية رقم [١]، والجملة الاسمية هنا متعلقة بكلام محذوف، التقدير: أنزل عليكم حكم الاستئذان، أو قيل لكم: استئذنوا قبل دخول بيوت غيركم إرادة أن تذكروا، وتعملوا بما هو أصلح لكم. انتهى. بيضاوي بتصرف كبير.
الشرح:{فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها} أي: في البيوت. {أَحَداً:} يأذن لكم في الدخول. {فَلا تَدْخُلُوها حَتّى يُؤْذَنَ لَكُمْ} أي: حتى يأتي من يأذن لكم، فإن المانع من الدخول ليس الاطلاع على