والتاء فيهما كالتاء في العاقبة والعافية، ونظائرهما: الرمية، والنطيحة، والذبيحة في أنها أسماء غير صفات. ويجوز أن يكونا صفتين، وتاؤهما للمبالغة كالراوية، وإذا كان الله يعلم كل شيء في السموات، والأرض؛ فكيف يخفى عليه ما يسر هؤلاء، وما يعلنونه، فأما عذابهم، وعقابهم، فله أجل مضروب مسجل لا يتأخر عنه، ولا يتقدم، فلماذا يستعجلونه؟!.
الإعراب:{وَما:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. (ما): نافية. {مِنْ:} حرف جر صلة. {غائِبَةٍ:} مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. {فِي السَّماءِ:} متعلقان ب {غائِبَةٍ،} أو بمحذوف صفة لها.
{وَالْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله. {إِلاّ:} حرف حصر. {فِي كِتابٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {مُبِينٍ:} صفة: {كِتابٍ،} والجملة الاسمية: {وَما مِنْ غائِبَةٍ..}. إلخ لا محل لها على الوجهين المعتبرين في الواو.
الشرح: إن هذا القرآن الذي أنزله الله على محمد صلّى الله عليه وسلّم يبين لليهود، والنصارى-الذين هم من أولاد يعقوب-الكثير مما اختلفوا فيه، وتخاصموا بشأنه، فإنهم اختلفوا في شأن عيسى على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، كما رأيت في سورة (التوبة) و (المائدة) وغيرهما؛ حيث تحزبوا فيه أحزابا، ووقع التناكر بينهم في أشياء كثيرة، حتى لعن بعضهم بعضا، قال تعالى:{وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ} وقد نزل القرآن ببيان ما اختلفوا فيه لو أنصفوا، وأخذوا به وأسلموا؛ لنالوا خيري الدنيا، والآخرة، ولفازوا بالحسنيين.
الإعراب:{إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {هذَا:} الهاء: حرف تنبيه لا محل له. (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم {إِنَّ}. {الْقُرْآنَ:} بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان عليه. {يَقُصُّ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:{الْقُرْآنَ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر {إِنَّ}. {عَلى بَنِي:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة، و {بَنِي} مضاف، و {إِسْرائِيلَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة.
{أَكْثَرَ:} مفعول به، و {أَكْثَرَ} مضاف، و {الَّذِي} اسم موصول مبني على السكون، في محل جرّ بالإضافة. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {فِيهِ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {يَخْتَلِفُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:{هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ:} صلة الموصول، لا محل لها، والجملة الاسمية:{إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ..}. إلخ مبتدأة أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين.