الاسم المفرد، والجملة الاسمية:{فَرِيقٌ..}. إلخ في محل جر بإضافة {إِذا} إليها، وهذا على اعتبار {إِذا} الفجائية ظرفا، والجملة الاسمية جواب (إذا) الشرطية، و {إِذا} الفجائية واقعة في جواب (إذا) الشرطية، كما إذا وقعت الفاء في جوابها، وفي الآية دليل على أن «إذا» الشرطية لا تكون معمولة لجوابها؛ لأن ما بعد «إذا» الفجائية لا يعمل فيما قبلها، ومثلها الآية رقم [٥٤] من سورة (النحل)، {وَإِذا} ومدخولها كلام معطوف على جملة: (يقولون...) إلخ لا محل له مثلها.
{وَإِنْ:} الواو: حرف عطف. (إن): حرف شرط جازم. {يَكُنْ:} مضارع ناقص فعل الشرط. {لَهُمُ:} متعلقان بمحذوف خبر {يَكُنْ} مقدم. {الْحَقُّ:} اسمه مؤخر، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {يَأْتُوا:} مضارع جواب الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {إِلَيْهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بما بعدهما. {مُذْعِنِينَ:} حال من واو الجماعة منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، وجملة:{يَأْتُوا..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا بإذا الفجائية، وإن ومدخولها كلام معطوف على (إذا) ومدخولها لا محل له مثله.
الشرح:{أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي: شك، ونفاق، فهو يمرض قلوبهم، أي: يضعفها، وذلك بضعف الإيمان فيها، والمرض حقيقة فيما يعرض للبدن، فيخرجه عن الاعتدال اللائق به، ويوجب الخلل في أفعاله، وقد يؤدي إلى الموت، واستعير هنا لما في قلوبهم من الجهل، وفساد العقيدة. {أَمِ ارْتابُوا} أي: شكوا في نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وعدله، أو رأوا منه تهمة، فزالت ثقتهم، ويقينهم به.
{أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ:} ذكر الله السبب في صدودهم عن حكومة الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ إذا كان الحق عليهم بأن يكونوا مرضى القلوب منافقين، أو مرتابين في أمر نبوته، أو خائفين من جوره وظلمه، ثم أبطل خوفهم من جوره وظلمه، حيث قال جلت قدرته:{بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ} أي: لا يخافون أن يجور عليهم بحكمه لمعرفتهم بعدله، وإنما هم ظالمون، يريدون أن يظلموا من له الحق، وذلك شيء لا يستطيعونه في مجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فمن ثمّ يأبون المحاكمة إليه. والحيف: الميل، والجور في القضاء.
وفي البيضاوي في قوله تعالى:{بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ:} إضراب عن القسمين الأخيرين لتحقيق القسم الأول؛ أي: هو النفاق في قلوبهم. ووجه التقسيم: أن امتناعهم، إما لخلل فيهم،