للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، التقدير: خلقه السموات. وقال الجمل: من إضافة الصفة للموصوف؛ أي: السموات المخلوقة، والأرض المخلوقة. ولا أراه قويا. {وَالْأَرْضِ:} الواو:

حرف عطف. (الأرض): معطوف على ما قبله، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، أو هي مستأنفة، لا محلّ لها على الاعتبارين. {وَما:} الواو: حرف عطف. (ما): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع معطوف على: {خَلْقُ،} أو في محل جر معطوف على لفظ:

{السَّماواتِ}. {بَثَّ:} ماض، وفاعله يعود إلى {اللهُ}. {فِيهِما:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. والميم والألف حرفان دالان على التثنية، والجملة الفعلية صلة الموصول، والعائد محذوف، التقدير: الذي بثه فيهما. {مِنْ دابَّةٍ:} متعلقان بمحذوف حال من الضمير المحذوف، العائد على (ما): و {مِنْ} بيان لما أبهم في الموصول. {وَهُوَ:} الواو: واو الحال. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {عَلى جَمْعِهِمْ:} متعلقان ب‍: {قَدِيرٌ} بعدهما، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف. {إِذا:} ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالمصدر، وجملة: {يَشاءُ} مع الفاعل المستتر، والمفعول المحذوف في محل جر بإضافة {إِذا} إليها. {قَدِيرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من فاعل (بثّ) المستتر، والرابط: الواو، والضمير.

{وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)}

الشرح: {وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ:} المراد بهذه المصائب: الأحوال المكروهة، نحو الأوجاع، والأسقام، والقحط، والغلاء، والغرق، والصواعق، وغير ذلك من المصائب. وقيل:

المصيبة هنا: الحدود على المعاصي. {فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} أي: كسبتم من الذنوب والمعاصي. وعبر بالأيدي؛ لأنّ أكثر الأفعال تزاول بها. {وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} أي: إنّ الذنوب قسمان: قسم يعجل العقوبة عليه في الدنيا بالمصائب، وقسم يعفو عنه، فلا يعاقب عليها، وما يعفو عنه أكثر. وقال علي-رضي الله عنه-: هذه الآية أرجى آية في كتاب الله عزّ وجل، وإذا كان يكفر عني بالمصائب، ويعفو عن كثير، فما يبقى بعد كفارته وعفوه شيء.

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «والّذي نفسي بيده ما من خدش عود، ولا عثرة قدم، ولا اختلاج عرق إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر».

وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن أبي سخيلة-رضي الله عنه-قال: قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدّثنا بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {وَما أَصابَكُمْ..}. إلخ وسأفسرها لكم، فقال: «يا عليّ! (ما أصابكم من مصيبة) أي: من مرض، أو عقوبة، أو بلاء في الدنيا، {فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} والله أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة، وما عفا الله عنه في الدنيا، فالله أحلم من أن يعود بعد عفوه».

<<  <  ج: ص:  >  >>