للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الكافرون]

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة (الكافرون) مكية في قول ابن مسعود، والحسن وعكرمة. ومدنية في أحد قولي ابن عباس، وقتادة، والضحاك. وهي ست آيات، وعشرون كلمة، وأربعة وتسعون حرفا.

وعن أنس-رضي الله عنه-. قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قرأ: {إِذا زُلْزِلَتِ} عدلت له نصف القرآن، ومن قرأ: {قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ} عدلت له ربع القرآن، ومن قرأ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} عدلت له ثلث القرآن». أخرجه الترمذي. وقال: حديث غريب، ووجه كون هذه السورة تعدل ربع القرآن: أن القرآن مشتمل على الأمر، والنهي، وكل واحد منهما ينقسم إلى ما يتعلق بعمل القلوب، وإلى ما يتعلق بعمل الجوارح، فحصل من ذلك أربعة أقسام، وهذه السورة مشتملة على النهي عن عبادة غير الله تعالى، وهي من الاعتقاد، وذلك من أفعال القلوب، فكانت هذه السورة ربع القرآن على هذا التقسيم، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى. خازن.

أقول: وإنما عدلت سورة (الزلزلة) نصف القرآن؛ لأنها تبين أهوال القيامة وما فيها من السعادة، والشقاوة، والإنسان متقلب بين الحياة الدنيا، والآخرة، فمقابلة القيامة وما فيها من أهوال بالحياة الدنيا، وما فيها، والقرآن كثير التحدث عن الحياتين، فهذا السبب جعل قراءة (الزلزلة) تعدل نصف القرآن. وإنما عدلت قراءة: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ثلث القرآن؛ لأن القرآن على ثلاثة أنحاء، أو على ثلاثة أقسام: قصص، وأحكام، وصفات لله تعالى. أو قل:

وتوحيد لله، و {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} متمحضة للصفات، وللتوحيد، فهي ثلث القرآن بهذا المعنى.

وروى جبير بن مطعم-رضي الله عنه-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أتحب يا جبير إذا خرجت سفرا أن تكون من أمثل أصحابك هيئة، وأكثرهم زادا؟». قلت: نعم يا رسول الله! قال: «فاقرأ هذه السور الخمس: من أول {قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ} إلى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ} وافتتح قراءتك ب‍:

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}. قال: فو الله لقد كنت غير كثير المال، إذا سافرت أكون أبذهم هيئة، وأقلهم زادا، فمنذ قرأتهنّ صرت أحسنهم هيئة، وأكثرهم زادا حتى أرجع من سفري ذلك.

وقال فروة بن نوفل-رضي الله عنه-قال رجل للنبي صلّى الله عليه وسلّم: أوصني. قال: «اقرأ عند منامك: {قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ} فإنها براءة من الشرك». وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ليس في القرآن أشد غيظا لإبليس منها؛ لأنها توحيد، وبراءة من الشرك. انتهى. قرطبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>