للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَما:} الواو: حرف عطف. ({ما}): نافية. {يَذَّكَّرُ:} فعل مضارع. {إِلاّ:} حرف حصر.

{أُولُوا:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمّة؛ لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم.

و {أُولُوا} مضاف، و {الْأَلْبابِ} مضاف إليه، والجملة الفعلية معطوفة على الجملة السابقة على الوجهين المعتبرين فيها، أو هي مستأنفة، أو معترضة في آخر الكلام. لا محلّ لها على الاعتبارين.

{وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَما لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٢٧٠)}

الشرح: {وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ:} قليلة، أو كثيرة، طاعة، أو معصية، سرّا، وعلانية، واجبة كالزّكاة، والكفّارات على اختلاف أنواعها، أو غير واجبة كصدقة التّطوّع. {أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ:} بشرط، أو بغير شرط، في طاعة، أو في معصية، وفّيتم به، أم لم توفّوا به. {فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ:} لا يخفى عليه، وهو مجازيكم به، وإنّما وحّد الضمير مع أنّه عائد على النّفقة، والمنذر، أي: فلم يقل: يعلمهما؛ لأنّ ردّ الضمير على الثاني منهما، فهو كقوله تعالى في سورة (النساء) رقم [١١٢]: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً} وقوله تعالى في سورة (التوبة) رقم [٦٢]: {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ،} وقيل: إن الكناية عادت على ما في قوله: {وَما أَنْفَقْتُمْ} لأنّها اسم، فهو كقوله تعالى: {وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ} رقم [٢٣١]، كما أنشد سيبويه لامرئ القيس وهو في معلقته: [الطويل]

فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها... لما نسجتها من جنوب وشمأل

قال ابن عطية رحمه الله تعالى: ووحد الضمير في {يَعْلَمُهُ،} وقد ذكر شيئين من حيث أراد: ما ذكر، أو نصّ. {وَما لِلظّالِمِينَ} أي: الواضعين الصدقة في غير موضعها، وقيل: الذين يريدون بصدقاتهم الرياء، والسمعة، وقيل: هم الذين يتصدّقون بالمال الحرام، وقيل: لمن منع الزكاة، أو صرف المال في معاصي الله. {مِنْ أَنْصارٍ:} من أعوان يدفعون عنهم عذاب الله تعالى، ففيه وعيد شديد، وتهديد عظيم، وخذ ما يلي:

فعن عائشة-رضي الله عنها-، قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من نذر أن يطيع الله؛ فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله؛ فلا يعصه». أخرجه البخاري.

وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من نذر نذرا لم يسمّه؛ فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا في معصية؛ فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا لا يطيقه؛ فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا، فأطاقه فليف به» أخرجه أبو داود.

وعن عمران بن حصين-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا نذر في معصية، ولا فيما لا يملك ابن آدم». أخرجه النّسائيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>