للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه الله تعالى: الحكمة ليست بالنبوة، ولكنّه العلم، والفقه، والقرآن، وقال أبو العالية-رحمه الله تعالى-: الحكمة: خشية الله، فإن خشية الله رأس كل حكمة. وقد روى ابن مردويه عن ابن مسعود-رضي الله عنه-، مرفوعا عن أنس قال صلّى الله عليه وسلّم: «رأس الحكمة مخافة الله». وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٢٩] فإنّه جيد، والحمد لله!.

{مَنْ يَشاءُ} أي: يريد الله من عباده {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ..}. إلخ، أي: من أعطي، ومنح الحكمة؛ فقد أعطي الخير الكثير لمصير صاحبها إلى السّعادة الأبدية، لذا فأصل الحكمة:

المنع، ومنه: حكمة الدابة؛ لأنها تمنعها من النفور، والجماح، قال الشاعر: [الكامل]

أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم

{وَما يَذَّكَّرُ} أي: وما يتّعظ، وينتفع بما وعظه الله، وأصل الفعل: يتذكر، فقلبت التاء ذالا، ثمّ أدغمتا. {إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ} أي: أصحاب العقول السليمة والقلوب الفاهمة، ولا واحد له من لفظه، وإنّما واحده «ذي» المضاف إن كان مجرورا، و «ذا» المضاف إن كان منصوبا، و «ذو» المضاف إن كان مرفوعا، و {الْأَلْبابِ} جمع: لب، وهو العقل الخالي من الهوى، سمّي بذلك لأحد وجهين: إمّا لبنائه من: لبّ بالمكان: أقام به، وإمّا من: اللّباب، وهو الخالص من كلّ شائبة. هذا؛ واللبيب: العاقل الفاهم، والجمع: ألباء، والأنثى: لبيبة، وجمعها: لبيبات، ولبائب، واللّب: خالص كلّ شيء.

الإعراب: {يُؤْتِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمّة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى (الله). {الْحِكْمَةَ:} مفعول به أول. {مَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبني على السّكون في محلّ نصب مفعول به. {يَشاءُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (الله)، والجملة الفعلية صلة {مَنْ} أو صفته، والعائد أو الرابط محذوف، إذ التقدير: الذي، أو شخصا يشاؤه، والجملة الفعلية: {يُؤْتِي..}. إلخ: في محل نصب حال من لفظ الجلالة في الآية السابقة، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها. {وَمَنْ:} الواو: واو الحال، {مَنْ:} اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُؤْتَ:} فعل مضارع مبني للمجهول فعل الشرط مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الألف، والفتحة قبلها دليل عليها، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره: هو يعود إلى {مَنْ} وهو المفعول الأول.

{الْحِكْمَةَ:} مفعول به ثان. {فَقَدْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط «قد»: حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أُوتِيَ:} فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل تقديره (هو) يعود إلى {مَنْ} أيضا، وهو المفعول الأول. {خَيْراً:} مفعول به ثان. {كَثِيراً:} صفة له، وخبر المبتدأ الذي هو {مَنْ} مختلف فيه، فقيل: هو جملة الشّرط، وقيل: هو جملة الجواب، وقيل:

الجملتان، وهو المرجح لدى المعاصرين، والجملة الاسمية: {وَمَنْ..}. إلخ في محل نصب حال من مفعول {يَشاءُ} المحذوف، والرابط: الواو فقط، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>