للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَقاعِدَ لِلْقِتالِ}. و {مَكانَ} مضاف، و {الْبَيْتِ} مضاف إليه، وجملة: {بَوَّأْنا..}. إلخ في محل جر بإضافة (إذ) إليها، وجملة: «اذكر إذ...» إلخ المقدرة مستأنفة لا محل لها.

{مَكانَ:} قيل: مفسرة على تقدير فعل: وأمرناه، وقيل: هي زائدة على تقدير فعل. وقلنا له:

{لا تُشْرِكْ}. وقيل: هي مصدرية على تقدير: فعلنا ذلك لئلا تشرك بعبادتي... إلخ. واعتبرها أبو حيان، وابن عطية مخففة من الثقيلة، وهو ضعيف كما ترى؛ لأنها لم يسبقها فعل من أفعال القلوب، ونحوها. {لا:} ناهية. {تُشْرِكْ:} مضارع مجزوم ب‍: {لا} الناهية، والفاعل مستتر تقديره: «أنت». {بِي:} متعلقان بالفعل قبلهما. {شَيْئاً:} مفعول به، والجملة الفعلية:

{لا تُشْرِكْ..}. إلخ لا محل لها على اعتبار {مَكانَ} تفسيرية، وفي محل نصب مقول القول لقول محذوف على اعتبارها زائدة، وتؤول مع {مَكانَ} بمصدر في محل جر بحرف جر محذوف، على اعتبارها مصدرية، ويقويه قراءة: «(أن لا يشرك)» بالياء؛ إذ التقدير: لئلا يشرك. (طهر): أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {بَيْتِيَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة. {لِلطّائِفِينَ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {وَالْقائِمِينَ:} معطوف على ما قبله. وأيضا {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} معطوف أيضا، وهما صفتان لموصوف محذوف؛ إذ التقدير: الرجال الركع السجود، وجملة: {وَطَهِّرْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها على جميع الاعتبارات فيها.

{وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧)}

الشرح: {وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ:} هذا الخطاب لإبراهيم، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، فإنه لما فرغ من بناء الكعبة بمعاونة ابنه إسماعيل، عليه السّلام، كما رأيت فيما سبق؛ أمره ربه بأن ينادي في الناس، فقال: وما يبلغ صوتي؟ فقال الله له: عليك الأذان، وعلي الإبلاغ، فصعد جبل أبي قبيس، حتى صار كأطول الجبال، فأدخل أصبعيه في أذنيه، وأقبل بوجهه يمينا وشمالا، وشرقا وغربا، وقال: يا أيها الناس! ألا إن ربكم قد بنى بيتا، وكتب عليكم الحج إليه، فأجيبوا ربكم. فأجابه كل من يحج من أصلاب الرجال، وأرحام النساء: لبيك اللهم لبيك، فمن أجاب يومئذ حج، إن أجاب مرة فمرة، وإن أجاب مرتين فمرتين... إلخ.

هذا؛ وزعم الحسن-رحمه الله تعالى-أن المأمور بالتأذين هو محمد صلّى الله عليه وسلّم، أمر أن يفعل ذلك في حجة الوداع، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أيّها الناس قد فرض الله عليكم الحجّ فحجّوا». فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>