{الَّذِينَ:} ماض، وفاعله. {أُوتُوا:} ماض مبني للمجهول، والواو نائب فاعله، وهو المفعول الأول، والألف للتفريق. {الْعِلْمَ:} مفعول به ثان، وجملة: {أُوتُوا الْعِلْمَ} صلة الموصول، لا محل لها. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الْخِزْيَ:} اسمها. {الْيَوْمَ:} ظرف زمان متعلق ب: {الْخِزْيَ؛} لأنه مصدر. {وَالسُّوءَ:} معطوف على {الْخِزْيَ}. {عَلَى الْكافِرِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر {إِنَّ،} والجملة الاسمية: {إِنَّ الْخِزْيَ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ} مستأنفة، لا محل لها.
{الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨)}
الشرح: {الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ} أي: تقبض الملائكة أرواحهم، وهو ملك الموت، وأعوانه.
{ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ} أي: ظلموا أنفسهم بالكفر، والمعاصي، فعرّضوها بذلك للعذاب الأبدي في جهنم. {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ} أي: إنهم استسلموا، وانقادوا لأمر الله الذي نزل بهم. {ما كُنّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} أي: من كفر ومعصية. وهذا بحسب اعتقادهم، وزعمهم. {بَلى} أي: فتقول لهم الملائكة:
بلى كنتم تعملون السوء. {إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ} بالذي كنتم تعملونه، ويفهم من هذه الآية: أنه لا يخرج من الدنيا كافر، ومنافق؛ حتى ينقاد، ويستسلم، ويخضع، ويذل، وحينئذ فلا تنفعهم توبة، ولا إيمان، كما قال تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمّا رَأَوْا بَأْسَنا} وانظر الآية [٨٧].
هذا ويقرأ الفعل: {تَتَوَفّاهُمُ} بالتاء، والياء. انظر الآية رقم [٣٢] الآتية، وانظر شرح:
{الْمَلائِكَةُ} في الآية رقم [٢٣] من سورة (الرعد)، وشرح: {النَّفْسَ} في الآية رقم [٥٣] من سورة (يوسف) عليه السّلام، والظلم في الآية رقم [٢٣] من سورة (يونس) عليه السّلام. {بَلى:} حرف جواب ك: «نعم»، و «جير» و «أجل» و «إي» إلا أن بلى جواب لنفي متقدم؛ أي: إبطال، ونقض، وإبطال له، سواء دخله الاستفهام أم لا؟ فتكون إيجابا له، نحو قال القائل: ما قام زيد؟، فتقول: بلى؛ أي: قد قام، وقوله: أليس زيد قائما؟، فتقول: بلى أي: هو قائم، قال تعالى:
{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-لو قالوا: نعم؛ لكفروا.
تنبيه: قال الله تعالى في آية: {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها} وقال في آية أخرى: {قُلْ يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ}. وقال هنا: {الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ} والجمع بين هذه الآيات:
أن المتوفي في الحقيقة هو الله تعالى، فإذا حضر أجل العبد أمر الله ملك الموت بقبض روحه، ولملك الموت أعوان من الملائكة، فيأمرهم بنزع روح ذلك العبد من جسده، فإذا وصلت إلى الحلقوم، تولى ملك الموت قبضها بنفسه. انتهى خازن في غير هذه الآية. ولنا كلام طويل في الآية رقم [١١] من سورة (السجدة) كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى.