الشرح:{وَاسْتَغْفِرِ اللهَ:} اطلب من الله المغفرة ممّا هممت به، أي: من القضاء على اليهوديّ بقطع يده، أو من جدالك عن طعمة.
تنبيه: قد تمسّك بهذه الآية من يرى صدور الذنب من الأنبياء، وقالوا: لو لم يقع من الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ذنب؛ لما أمر بالاستغفار. والجواب عمّا تمسّكوا به: أنّ درجة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أعلى الدرجات، ومنصبه أشرف المناصب، فلعلوّ درجته، وشرف منصبه، وكمال معرفته بالله عزّ وجل فما يقع منه صلّى الله عليه وسلّم على وجه التأويل، أو الاجتهاد، كما في أسرى بدر، وإذنه للمنافقين في التخلف عن غزوة تبوك، وغير ذلك من أمور الدّنيا، فإنّه ذنب بالنسبة إلى منصبه العظيم، وجاهه الكريم، كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقرّبين، وذلك بالنسبة إلى منازلهم العالية، ودرجاتهم الرّفيعة. والله أعلم، وانظر الآية رقم [٤٣] من سورة (التوبة) تجد ما يسرّك.
الإعراب:{وَاسْتَغْفِرِ:} الواو: حرف عطف. ({اِسْتَغْفِرِ}): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:
أنت. {اللهَ} منصوب على التعظيم، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:({لا تَكُنْ..}.) إلخ، لا محلّ لها مثلها. {إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً:} تقدّم مثلها كثيرا وهي هنا مفيدة للتعليل، لا محلّ لها.
الشرح:{وَلا تُجادِلْ:} هذا الخطاب لسيد الخلق، وحبيب الحق صلّى الله عليه وسلّم. {عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ:} بتعريضها للعقاب، وحرمانها من الثواب. والاختيان: أبلغ من الخيانة، كالاكتساب، فإنّه أبلغ من الكسب، وسمّاه الله: خائنا لنفسه من حيث كان ضرره عائدا عليه، وكل عاص لله خائن لنفسه بتعريضها للعقاب، وتنقيص حقّها من الثواب، وألف {يَخْتانُونَ} مبدلة من واو؛ لأنّه من: خان، يخون. وتقول في الجمع: خونة، واسم الفاعل: خائن، وأصله: خاون، مثل: قائل أصله: قاول.
هذا؛ والمجادلة: المخاصمة من الجدل، وهو الفتل، ومنه: رجل مجدول الخلق، ومنه الأجدل للصّقر. وقيل: هو من الجدالة، وهي وجه الأرض، فكل واحد من الخصمين؛ يريد أن يلقي صاحبه عليها. ومنه قولهم: تركته مجدّلا؛ أي: مطروحا على الجدالة.
هذا؛ والجدل، والجدال، والمجادلة: المماراة، وهي مذمومة. فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه، إلاّ أوتوا الجدل» ثم قرأ: