فاخرج. والكلام كله في محل نصب مقول القول. {مِنْها:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {فَإِنَّكَ:} الفاء: حرف تعليل. (إنك):
حرف مشبه بالفعل، والكاف في محل نصب اسمها. {رَجِيمٌ:} خبر (إنّ)، والجملة الاسمية تعليل للخروج، لا محل لها. {وَإِنَّ:} الواو: واو الحال. (إنّ): حرف مشبه بالفعل.
{عَلَيْكَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (إنّ) تقدم على اسمها، والتقديم يفيد الاختصاص. {لَعْنَتِي:} اسم (إنّ) منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {إِلى يَوْمِ:} متعلقان بالمصدر {لَعْنَتِي،} أو هما متعلقان بمحذوف حال من:
{لَعْنَتِي} أي: مستمرة ودائمة إلى يوم الدين، و {يَوْمِ} مضاف، و {الدِّينِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية: {وَإِنَّ عَلَيْكَ..}. إلخ في محل نصب حال من ضمير المخاطب، والرابط: الواو، والضمير. هذا؛ والآيتان مذكورتان بحروفهما في سورة (الحجر) برقم [٣٤] و [٣٥].
{قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١)}
الشرح: {قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي} أي: قال إبليس: رب أمهلني فلا تمتني، أو لا تعجل عقوبتي.
{إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ:} المراد به: يوم القيامة، وهو اليوم الذي يخرج فيه الناس من قبورهم للحساب والجزاء بعد النفخة الثانية. {قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} أي: قال الله تعالى لإبليس لما سأل الإمهال:
{فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} أي: الممهلين المؤخرين، وقد قيد الله هذا الإمهال هنا وفي سورة (الحجر) بقوله: {إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وهو النفخة الأولى التي يموت بسببها من في السموات والأرض إلا من شاء الله، وأطلق هذا الإمهال في سورة (الأعراف) ويحمل المطلق على المقيد، فقد كره اللعين أن يذوق مرارة الموت، وطلب البقاء والخلود إلى النفخة الثانية، وحينئذ لا موت؛ لأن الموت قد تم عند النفخة الأولى، فلم يعط سؤاله، وإنما أجيب طلبه، وهو الإمهال مع أنه إنما طلبه ليفسد أحوال العباد، لما في ذلك من ابتلاء العباد، ولما في مخالفته من عظيم الثواب. انتهى. جمل بتصرف من سورة (الأعراف).
أقول: وإنما أمهله ليكون سببا في وفاء وعد الله جهنم الآتي بقوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ..}. إلخ إذ لولاه لكان الناس جميعا مهتدين. هذا؛ وقد ذكر الله في سورة (الكهف) أن له ذرية، وذلك ليكون لكل واحد من بني آدم قرين، وشيطان.
ويجوز أن يراد بالأيام الثلاثة يوم القيامة، واختلاف العبارات لاختلاف الاعتبارات، فعبر عنه أولا بيوم الجزاء؛ لما عرفت، وثانيا بيوم البعث؛ إذ به يحصل العلم بانقطاع التكليف،