ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فَإِنْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إن):
حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {عَلِيمٌ:} خبرها. {بِالْمُفْسِدِينَ:} متعلقان ب {عَلِيمٌ} والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط، و (إنّ) ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له.
الشرح:{قُلْ:} خطاب لسيد الخلق، وحبيب الحق محمد صلّى الله عليه وسلّم. {يا أَهْلَ الْكِتابِ:} المراد بهذا النداء: اليهود، والنصارى، فقد قال المفسرون: لمّا قدم وفد نجران المدينة؛ اجتمعوا مع اليهود عند النبي صلّى الله عليه وسلّم واختصموا في إبراهيم-على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-فزعمت النّصارى: أنه كان نصرانيّا، وهم على دينه، وهم أولى النّاس به. وزعمت اليهود: إنه كان يهوديّا، وهم على دينه، وأولى الناس به. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كلا الفريقين بريء من إبراهيم، ودينه، بل كان حنيفا مسلما؛ وأنا على دينه، فاتّبعوا دينه الإسلام. فقالت اليهود: ما تريد إلا أن نتّخذك ربّا، كما اتخذت النّصارى عيسى ربّا. وقالت النصارى: ما تريد إلا أن نقول فيك ما قالت اليهود في عزير. فأنزل الله عز وجل:{قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا..}. إلخ.
{إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ} أي: فيها عدل، وإنصاف، لا ميل فيها، ولا انحراف. قال زهير:[الوافر]
أروني خطّة لا ضيم فيها... يسوّى بيننا فيها السّواء
وقال تعالى في سورة (الأنفال) رقم [٥٨]: {وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ..}. إلخ. هذا؛ ووصفت:{كَلِمَةٍ} ب {سَواءٍ} لأنه يستوي فيه المفرد، والمثنى، والجمع، والمذكر، والمؤنث.
هذا؛ و (بين) ظرف مكان بمعنى وسط بسكون السين، تقول: جلس بين القوم، كما تقول:
جلس وسط القوم، ولا يضاف إلا لمتعدد، سواء أكان تعدده بسبب التثنية، أو الجمع، أم كان تعدده بسبب العطف، فمثال الأول: جلست بين الزيدين، وجلست بين الأدباء، وفي الآية أضيف إلى الضميرين، وهما بمعنى الجمع، كما ترى. هذا؛ والبين: الفراق، والبعاد. وهو أيضا: الوصل، فهو من الأضداد، كالجون يطلق على الأسود، والأبيض. وقرئ قوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم [٩٤]: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} بفتح النون، وضمها، وفسر بالمعنيين: الفراق، والوصل. ومن استعماله بمعنى الفراق، والبعاد قول كعب بن زهير رضي الله عنه-وهو الشاهد رقم [٨٠٩] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [البسيط]