للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فَإِنْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إن):

حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {عَلِيمٌ:} خبرها. {بِالْمُفْسِدِينَ:} متعلقان ب‍ {عَلِيمٌ} والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط، و (إنّ) ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له.

{قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اِشْهَدُوا بِأَنّا مُسْلِمُونَ (٦٤)}

الشرح: {قُلْ:} خطاب لسيد الخلق، وحبيب الحق محمد صلّى الله عليه وسلّم. {يا أَهْلَ الْكِتابِ:} المراد بهذا النداء: اليهود، والنصارى، فقد قال المفسرون: لمّا قدم وفد نجران المدينة؛ اجتمعوا مع اليهود عند النبي صلّى الله عليه وسلّم واختصموا في إبراهيم-على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-فزعمت النّصارى: أنه كان نصرانيّا، وهم على دينه، وهم أولى النّاس به. وزعمت اليهود: إنه كان يهوديّا، وهم على دينه، وأولى الناس به. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كلا الفريقين بريء من إبراهيم، ودينه، بل كان حنيفا مسلما؛ وأنا على دينه، فاتّبعوا دينه الإسلام. فقالت اليهود: ما تريد إلا أن نتّخذك ربّا، كما اتخذت النّصارى عيسى ربّا. وقالت النصارى: ما تريد إلا أن نقول فيك ما قالت اليهود في عزير. فأنزل الله عز وجل: {قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا..}. إلخ.

{إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ} أي: فيها عدل، وإنصاف، لا ميل فيها، ولا انحراف. قال زهير: [الوافر]

أروني خطّة لا ضيم فيها... يسوّى بيننا فيها السّواء

وقال تعالى في سورة (الأنفال) رقم [٥٨]: {وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ..}. إلخ. هذا؛ ووصفت: {كَلِمَةٍ} ب‍ {سَواءٍ} لأنه يستوي فيه المفرد، والمثنى، والجمع، والمذكر، والمؤنث.

هذا؛ و (بين) ظرف مكان بمعنى وسط بسكون السين، تقول: جلس بين القوم، كما تقول:

جلس وسط القوم، ولا يضاف إلا لمتعدد، سواء أكان تعدده بسبب التثنية، أو الجمع، أم كان تعدده بسبب العطف، فمثال الأول: جلست بين الزيدين، وجلست بين الأدباء، وفي الآية أضيف إلى الضميرين، وهما بمعنى الجمع، كما ترى. هذا؛ والبين: الفراق، والبعاد. وهو أيضا: الوصل، فهو من الأضداد، كالجون يطلق على الأسود، والأبيض. وقرئ قوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم [٩٤]: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} بفتح النون، وضمها، وفسر بالمعنيين: الفراق، والوصل. ومن استعماله بمعنى الفراق، والبعاد قول كعب بن زهير رضي الله عنه-وهو الشاهد رقم [٨٠٩] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>