للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا... إلاّ أغنّ غضيض الطّرف مكحول

{أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ:} نوحده بالعبادة، ونخصه فيها. {وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً} أي: لا نجعل له شريكا في العبادة، ولا نرى شيئا في الوجود أهلا لأن يعبد. {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ} وذلك: أنّ النّصارى عبدوا غير الله، وهو المسيح، وأشركوا به، وهو قولهم: أب، وابن، وروح القدس، فجعلوا الواحد ثلاثة، واتّخذوا أحبارهم، ورهبانهم أربابا من دون الله، وذلك:

أنهم يطيعونهم فيما يأمرونهم به من الشّرك. {فَإِنْ تَوَلَّوْا:} أعرضوا عمّا دعوتهم إليه، وأمرتهم به. {فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنّا مُسْلِمُونَ} أي: مخلصون التوحيد لله وحده. والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولأصحابه.

وخذ ما يلي: فقد روى الترمذيّ، وأحمد عن عديّ بن حاتم-رضي الله عنه-، قال: أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وفي عنقي صليب من ذهب. فقال: «يا عديّ! اطرح عنك هذا الوثن» فطرحته، وسمعته يقرأ في سورة (براءة): {اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} حتى فرغ، فقلت: يا رسول الله! إنا لسنا نعبدهم، فقال: «أليسوا يحرّمون ما أحلّ الله، فتحرّمونه، ويحلّون ما حرّم الله، فتستحلّونه؟» قلت: بلى. قال: «فتلك عبادتهم» قال عبد الله بن المبارك-رحمه الله تعالى-: [الوافر]

وهل بدّل الدّين إلاّ الملو... ك وأحبار سوء ورهبانها؟

لذا فإن كل إنسان يتّبع إنسانا آخر في كلّ زمان، ومكان في تحليل، أو تحريم ما لم يأذن به الله كمن اتخذه ربّا. هذا؛ ولا تنس: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أرسل إلى الملوك في السنة السادسة بعد الهجرة بعد غزوة الحديبية، ودعاهم إلى الإسلام، وفي كتابه إلى هرقل ما يلي: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتّبع الهدى، أمّا بعد فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم؛ تسلم، يؤتك الله أجرك مرّتين، وإنّ تولّيت؛ فإنّ عليك إثم الأريسيّين». {يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ..}. إلخ. وخذ ما يلي:

قال ابن هشام-رحمه الله تعالى-في قطر الندى: وأمّا: «هات» و «تعال» فعدّهما جماعة من النحويين في أسماء الأفعال، والصّواب: أنهما فعلا أمر، بدليل: أنّهما دالان على الطلب، وتلحقهما ياء المخاطبة، فتقول: هاتي، وتعالي. واعلم: أنّ آخر «هات» مكسور أبدا، إلا إذا كان لجماعة المذكرين؛ فإنه يضم، فتقول: هات يا زيد، وهاتي يا هند، وهاتيا يا زيدان، وهاتيا يا هندان، وهاتين يا هندات، كلّ ذلك بكسر التاء، وتقول: هاتوا يا قوم بضمّها. قال تعالى في كثير من الآيات: {قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}. وأنّ آخر «تعال» مفتوح في جميع أحواله من غير استثناء، تقول: تعال يا زيد، وتعالي يا هند، وتعاليا يا زيدان، وتعاليا يا هندان، وتعالوا يا زيدون، وتعالين يا هندات، كل ذلك بالفتح. قال تعالى في سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>