فقد أحبّ الله، ومن أطاعني؛ فقد أطاع الله». فقال المنافقون: لقد قارف الشرك، وهو ينهى عنه، ما يريد إلا أن نتّخذه ربّا، كما اتخذت النّصارى عيسى ربّا. فنزلت الآية الكريمة.
{وَمَنْ تَوَلّى} أي: أعرض عن طاعته، وامتثال أمره؛ فقد خاب، وخسر. {فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً:} تحفظ أعمالهم، وتحاسبهم عليها، بل كل أمرهم إلى الله، فإنّما عليك البلاغ، وعلينا الحساب. هذا؛ وحصل في الآية الكريمة التفات من الغيبة إلى الخطاب، انظر الالتفات في الآية رقم [٦٤].
هذا؛ وقال القرطبيّ في غير هذا الموضع: وفي حديث: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من فرّق بين ثلاث؛ فرّق الله بينه وبين رحمته يوم القيامة: من قال: أطيع الله، ولا أطيع الرّسول، والله يقول:
{أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ،} ومن قال: أقيم الصّلاة، ولا أوتي الزّكاة، والله يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ،} ومن فرّق بين شكر الله، وشكر والديه، والله يقول: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ»}.
الإعراب: {مَنْ:} اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُطِعِ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى: {مَنْ} تقديره: هو. {الرَّسُولَ:} مفعول به. {فَقَدْ:}
الفاء: واقعة في جواب الشرط. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَطاعَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {مَنْ} أيضا. {اللهَ:} منصوب على التّعظيم، والجملة الفعلية في محلّ جزم جواب الشرط، وخبر المبتدأ الذي هو: {مَنْ} مختلف فيه، فقيل: جملة الشرط.
وقيل: جملة الجواب. وقيل: الجملتان، وهو المرجّح لدى المعاصرين، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها.
({مَنْ}): اسم شرط جازم. {تَوَلّى:} فعل ماض مبني على فتح مقدّر على الألف في محلّ جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى ({مَنْ}). {فَما:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (ما):
نافية. {أَرْسَلْناكَ:} فعل، وفاعل، ومفعول به. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان ب {حَفِيظاً} أو بمحذوف حال منه، كان صفة له... إلخ، والجملة الفعلية في محل جزم جواب الشرط، هذا في الظاهر، وعند التأمّل؛ يظهر لك: أنّ الجواب محذوف، التقدير: ومن تولّى؛ فلا يهمنّك أمره.
وعليه تكون جملة: (ما أرسلناك...) إلخ مفيدة للتعليل لا محلّ لها.
{وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٨١)}
الشرح: {وَيَقُولُونَ طاعَةٌ:} نزلت في المنافقين، وذلك: أنّ المنافقين كانوا يقولون باللّسان لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: آمنا بك، وصدّقناك، فمرنا بما تريد، فأمرنا، وشأننا، وحالنا طاعة؛