للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنّ (العين) معطوف على محلّ {النَّفْسَ،} و {بِالْعَيْنِ} معطوفان على: {بِالنَّفْسِ} فهما متعلقان بمحذوف خبر في التقدير، كما في قراءة النصب. وهناك قول آخر: إنّ المرفوع منها معطوف على الضمير المستتر في قوله: {بِالنَّفْسِ،} والمجرورات على هذا متعلّقة بمحذوف أحوال مبينة للمعنى، والمعتمد الأوّل من هذه الأقوال. {فَمَنْ:} الفاء: حرف عطف، وتفريع.

(من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {تَصَدَّقَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من). {بِهِ:} جار ومجرور متعلقان به. {فَهُوَ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {كَفّارَةٌ:} خبر المبتدأ. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {كَفّارَةٌ} أو بمحذوف صفة له، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط... إلخ، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه كما ذكرته لك مرارا. {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ..}. إلخ: انظر الآية السابقة.

{وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦)}

الشرح: {وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ..}. إلخ أي: أتبعنا على آثار النبيين الذين أسلموا، والربّانيين، والأحبار بعيسى... إلخ، وأصل (قفينا): قفّونا، قلبت الواو ياء لوقوعها رابعة. واشتقاقه من:

قفوته: إذا اتبعت قفاه، ثم اتّسع فيه، فأطلق على كلّ تابع، وإن بعد زمان التابع من زمان المتبوع، والقفا: مؤخر العنق، ويقال له: القافية أيضا. ومنه قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «يعقد الشّيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد... إلخ». رواه الشيخان، وغيرهما، ومنه: قافية الشعر، وهي آخر حرف من البيت، سميت بذلك لأنّها تعاد، وتتبع ما قبلها من أبيات، هذا وقال تعالى في سورة (الحديد): {ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} هذا؛ وعيسى هو بالعبرية: يسوع، مأخوذ من: العيس، وهو بياض يخالطه شقرة، قاله أبو البقاء، ومنه قيل للإبل البيض: عيس، واحدها: بعير أعيس، وناقة عيساء، قال امرؤ القيس: [الطويل]

يرعن إلى صوتي إذا ما سمعنه... كما ترعوي عيط إلى صوت أعيسا

العيط: جمع: عيطاء، وهي النّاقة الفتية التي لم تحمل. وانظر شرح {مَرْيَمَ} في الآية رقم [١٧].

{مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ} أي: مؤمنا بها، وحاكما بما فيها، هذا؛ وقوله: {لِما بَيْنَ يَدَيْهِ} من مجاز الكلام، وذلك: أنّ ما بين يديه أمامه، فقيل لكل شيء تقدّم على الشيء: هو بين يديه لغاية ظهوره، واشتهاره. هذا؛ و {التَّوْراةِ} مشتقة من: ورى الزّند: إذا خرجت ناره،

<<  <  ج: ص:  >  >>