أخرجه أبو داود، والنسائي. والقول الثاني: يعني: أنّ المجني عليه إذا عفى عن الجاني؛ كان ذلك كفارة لذنب الجاني. لا يؤاخذ به في الآخرة. وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، ومقاتل، كما أنّ القصاص كفارة له، فأمّا أجر العافي؛ فعلى الله تعالى. {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ} يعني: لأنفسهم؛ حيث لم يحكموا بما أنزل الله، عزّ وجلّ.
هذا؛ والعين تطلق على الماء الجاري: أو النّابع من الأرض، وجمعها في القلّة: أعين، وفي الكثرة: عيون، قال تعالى في سورة (الذاريات) وغيرها: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ} وتجمع أيضا في الكثرة على: أعيان، وهذا غير مشهور، وقليل الاستعمال، كما تطلق العين على العين الباصرة، كما في الآية التي بين أيدينا، وهو أشهر، وأكثر ما تستعمل في ذلك. كما تطلق على الجاسوس، كما في قولك: بثّ الأمير عيونه في المدينة، أي: جواسيسه. كما تطلق على ذات الشخص، كما في قولك: جاء خالد عينه، وتطلق على الشّمس. وعين الشيء:
خياره. وتطلق على النّقد من ذهب، وغيره، وإليك قول الشاعر: [البسيط]
واستخدموا العين منّي وهي جارية... وقد سمحت بها أيّام وصلهم
فالمراد بالعين: نفسه، وذاته، والمراد ب: «جارية» عينه الباصرة؛ التي تجري بالدّمع، والمراد بقوله: «بها» نقد الذهب، وهذا يسمّى في فنّ البديع استخداما، وتطلق العين على أشياء كثيرة أيضا، وعلى المطر الهاطل من السّحاب، قال عنترة في معلّقته-وهو الشاهد رقم [٣٥٩] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الكامل]
جادت عليه كلّ عين ثرّة... فتركن كلّ حديقة كالدّرهم
هذا؛ وأعيان القوم: أشرافهم، وبنو الأعيان: الإخوة من الأبوين.
الإعراب: {وَكَتَبْنا:} فعل، وفاعل. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {فِيها:}
جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما أيضا، وقيل: متعلقان بمحذوف حال من: {التَّوْراةَ..}.
وساغ ذلك؛ لأنّ الجملة الفعلية معطوفة على جملة: {أَنْزَلْنَا..}. إلخ. {أَنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {النَّفْسَ:} اسمها. {بِالنَّفْسِ:} متعلقان بمحذوف خبر: {أَنَّ} التقدير: تقتل، أو مقتولة بالنفس، و {أَنَّ} واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به.
{وَالْعَيْنَ:} معطوف على: {النَّفْسَ}. {بِالْعَيْنِ} متعلقان بمحذوف خبر، التقدير: أي:
تقلع، أو مقلوعة بالعين، وقل مثله في بقية الأسماء المعطوفة، هذا؛ وقرئ: «(العين)» بالرفع، وكذلك بقية الأسماء المعطوفة عليها، وفيها ثلاثة أوجه:
الأول: كلّ واحد منها مبتدأ، والجار والمجرور بعده متعلّقان بمحذوف خبره. وهذه الجمل الاسمية معطوفة على: {أَنَّ} وما في حيزها باعتبار المعنى، أو هي مستأنفة، ومعناها: وكذلك العين مفقوءة بالعين، والأنف مجدوعة بالأنف، والأذن مصلومة بالأذن، والسنّ مقلوعة بالسنّ.