العجل منهم إلا اثنا عشر ألفا. وقيل: المعنى: ألقيناهم في الفتنة، ولذا قال موسى عليه السلام:
{إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ} وهذا يعود إلى أنّ الله هو الفاعل لأعمال العبد. {وَأَضَلَّهُمُ السّامِرِيُّ:} وإنما أضاف الله الضلال إلى السامري؛ لأنهم ضلوا بسببه. ويقرأ: «(أضلّهم)» بضم اللام مشددة؛ أي:
أشدهم ضلالة. هذا؛ والسامري اسمه موسى بن ظفر، اختلف في نسبته، اختلافا كبيرا. وقال الجمل نقلا عن شيخه: منسوب إلى سامرة قبيلة من بني إسرائيل، كان منافقا، وكان قد ربّاه جبريل عليه السّلام؛ لأن فرعون لما شرع في ذبح الولدان كانت المرأة من بني إسرائيل تأخذ ولدها وتلقيه في حفيرة، أو كهف من جبل، أو غير ذلك، وكانت الملائكة تتعهد هذه الأطفال بالتربية حتى يكبروا، فيدخلوا بين الناس، وكان موسى السامري ممّن تعهده جبريل عليه السّلام، فكان يغذيه من أصابعه الثلاثة، فيخرج له من أحدها لبن، ومن الأخرى سمن، ومن الثالثة عسل. انتهى. وهذا القول ذكره الثعلبي في قصص الأنبياء، وكثير من المفسرين، ومن محفوظي قديما هذان البيتان:[الطويل]
إذا المرء لم يخلق سعيدا تخلّفت... ظنون مربّيه، وخاب المؤمّل
فموسى الذي ربّاه جبريل كافر... وموسى الذي ربّاه فرعون مرسل
الإعراب:{قالَ:} ماض، والفاعل يعود إلى (الله). {فَإِنّا:} الفاء: زائدة لتحسين اللفظ.
(إنا): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال.
{فَتَنّا:} فعل، وفاعل. {قَوْمَكَ:} مفعول به. والكاف في محل جر بالإضافة. {مِنْ بَعْدِكَ:}
متعلقان بمحذوف حال من قومك، وهو أقوى من تعليقهما بالفعل، وجملة:{قَدْ فَتَنّا..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {وَأَضَلَّهُمُ السّامِرِيُّ:} ماض، ومفعوله، وفاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {قَوْمَكَ} والرابط: الواو، والضمير، وهي على تقدير قد قبلها، وعلى القراءة الثانية فالجملة اسمية، وتبقى في محل نصب حال.
الشرح:{فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً:} الأسف: شدة الحزن، ورجوعه كان بعد أن أتم أربعين يوما كما رأيت في الآية رقم [١٤٢] من سورة (الأعراف) وأخذ التوراة. {قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً:} وعدهم الله عز وجل الجنة؛ إذا أقاموا على طاعته، وعدهم أن يسمعهم كلامه في التوراة على لسان موسى ليعملوا بما فيها، فيستحقوا ثواب عملهم. وقيل: