للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَالَّذِينَ:} الواو: حرف استئناف. (الذين): مبتدأ، وجملة: {قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} صلة الموصول، لا محلّ لها، {قُتِلُوا:} ماض مبني للمجهول، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق.

{فَلَنْ:} الفاء: حرف صلة. (لن): حرف ناصب. {يُضِلَّ:} فعل مضارع منصوب ب‍: (لن) والفاعل يعود إلى: {اللهُ}. {أَعْمالَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، وزيدت الفاء في الخبر؛ لأنّ الموصول يشبه الشرط في العموم، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محلّ لها.

{سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ (٦)}

الشرح: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ:} الضمير يعود إلى الذين قتلوا في سبيل الله، ومن المعلوم: أن المقتول لا يوصف بذلك، وفي ذلك أجوبة، فقال بعضهم: سيهدي من بقي منهم؛ أي: يحقق لهم الهداية، وهذا ضعيف. وقال ابن زياد: سيهديهم إلى محاجة منكر ونكير في القبر؛ أي: بمعنى يوفقهم للجواب حينما يسألون في القبر. وقال أبو المعالي: وقد ترد الهداية، والمراد بها إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان، والطرق المفضية إليها، من ذلك قوله تعالى في صفة المجاهدين:

{فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ} ومنه قوله تعالى في الكافرين، والفاسدين المفسدين:

{فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ} وهو فحوى قوله تعالى: {عَرَّفَها لَهُمْ} وخذ ما يلي:

قال مجاهد: يهتدي أهلها إلى بيوتهم، ومساكنهم، وحيث قسم الله لهم منها، لا يخطئون، كأنهم ساكنوها منذ خلقوا. وقال محمد بن كعب القرظي: يعرفون بيوتهم؛ إذا دخلوا الجنة، كما تعرفون بيوتكم؛ إذا انصرفتم من الجمعة. وقال مقاتل: بلغنا: أن الملك الذي كان وكّل بحفظ عمله في الدنيا، يمشي بين يديه في الجنة، ويتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له، فيعرّفه كلّ شيء أعطاه الله تعالى في الجنة، فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنة؛ دخل إلى منزله، وأزواجه، وانصرف الملك عنه، وقد ورد الحديث الصحيح بذلك:

فعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا خلص المؤمنون من النار؛ حبسوا بقنطرة بين الجنّة والنار، يتقاضون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتّى إذا هذّبوا، ونقّوا؛ أذن لهم في دخول الجنّة، والّذي نفسي بيده، إنّ أحدهم بمنزله في الجنة، أهدى منه بمنزله الّذي كان في الدّنيا» أخرجه البخاري.

وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: {عَرَّفَها لَهُمْ} أي: طيّبها لهم بأنواع الملاذ. مأخوذ من العرف، وهو الرائحة الطيبة. وطعام معرّف؛ أي: مطيّب، ورحم الله أبا تمام؛ إذ يقول: [الكامل] وإذا أراد الله نشر فضيلة... طويت أتاح لها لسان حسود

لولا اشتعال النار فيما جاورت... ما كان يعرف طيب عرف العود

<<  <  ج: ص:  >  >>