أو الرابط محذوف، التقدير: يفعل الذي، أو: شيئا يريده، وجملة:{يَفْعَلُ..}. إلخ في محل رفع خبر ({لكِنِ})، والجملة الاسمية معطوفة على جواب ({لَوْ}) لا محل لها مثله.
الشرح:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} نادى الله عباده المؤمنين في هذه الآية بأكرم وصف، وألطف عبارة؛ أي: يا من صدقتم الله ورسوله، وتحلّيتم بالإيمان؛ الذي هو زينة الإنسان، وقد خاطب الله عباده المؤمنين بقوله:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} في ثمانية وثمانين موضعا من القرآن، ونداء المخاطبين باسم المؤمنين يذكرهم بأنّ الإيمان يقتضي من صاحبه أن يتلقّى أوامر الله ونواهيه بحسن الطاعة والامتثال، وإنّما خصّهم الله بالنّداء؛ لأنهم هم المستجيبون لأمره، المنتهون عما نهى عنه؛ إذ الغالب أن يتبع هذا النداء بأمر، أو نهي.
{أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ:} الإنفاق: بذل المال، وهو يشمل الواجب، مثل الزكاة، والكفارات على جميع أنواعها، واختلاف مراتبها، والمندوب؛ أي: صدقات التطوّع، قال ابن جريج، وسعيد بن جبير-رحمهما الله تعالى-: هذه الآية تجمع الزّكاة المفروضة، والتطوّع. هذا؛ والفعل الماضي: أنفق، وهو رباعي الحروف، مضارعه: يؤنفق، ويكون ثلاثيّا: نفق، قاله الزّمخشري-رحمه الله تعالى-: {مِمّا رَزَقْناكُمْ:} صريح بأنّ المال الذي بيد العبد إنّما هو من فضله تعالى، وكرمه، وجوده، والعبد موكل على المال وكالة، كما قال تعالى في سورة (الحديد): {وَأَنْفِقُوا مِمّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}.
{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ:} المراد به يوم القيامة. {لا بَيْعٌ فِيهِ} أي: ولا شراء، والمعنى لا يباع أحد من نفسه، ولا يفادى بمال، ولو بذله، ولو جاء بملء الأرض ذهبا، لا يقبل. {وَلا خُلَّةٌ:}
ولا صداقة، ولا مودة، وهي بضم الخاء، وهي أيضا ما خلا من النبات، يقال: الخلة خبز الإبل، والحمض فاكهتها، والخلة بالفتح: الفقر، والحاجة، وهي أيضا الخمرة الحامضة، وهي بكسر الخاء نبات معروف، تنظف به الأسنان من آثار الطّعام، وهي أيضا ما يبقى بين الأسنان.
هذا؛ والخلّة بالضم: الخليل، يستوي فيه المذكر والمؤنث؛ لأنّه في الأصل مصدر قولك:
خليل بيّن الخلّة. هذا، والخليل هو الصّديق الّذي صفت مودّته، فتجد من خلاله مثل ما يجد من خلالك، ويسعى لمصلحتك، كما يسعى لمصلحته، بل قد يؤثرك على نفسه، ويبذل روحه من أجلك، كما قال ربيعة بن مقروم الضّبيّ:[الوافر]
أخوك أخوك من تدنو وترجو... مودّته، وإن دعي استجابا