للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني ما شرع فيه الحد. انتهى. وسمّي السّوء سوءا؛ لأنه يسوء صاحبه بسوء عواقبه، وهو مصدر: ساء، يسوء، سوءا، ومساءة: إذا أحزنه، والسّوء: الشرّ، والفساد، والجمع: أسواء، وهو بضم السّين من: ساءه، وبفتحها المصدر، تقول: «رجل سوء» بالإضافة و «رجل السّوء» ولا تقول: الرّجل السّوء، قال تعالى: {إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ}. هذا؛ والفحشاء أصله قبح المنظر، كما قال امرؤ القيس في معلّقته رقم [٣٢]: [الطويل]

وجيد كجيد الرّئم ليس بفاحش... إذا هي نصّته ولا بمعطّل

وقال مقاتل رحمه الله تعالى: إنّ كلّ ما في القرآن من ذكر الفحشاء فإنّه الزنى إلا قوله تعالى: {الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ} فإنّه منع الزكاة؛ أي: البخل بإنفاق المال.

{وَأَنْ تَقُولُوا..}. إلخ: تفتروا على الله أشياء لا أصل لها، كاتّخاذ الأنداد، وتحليل المحرّمات، وتحريم الطيبات، وغير ذلك ممّا هو مخالف للدّين الحنيف، والشّرع الشّريف، فيدخل في هذا كلّ كافر، وكلّ مبتدع أيضا. والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

الإعراب: {إِنَّما:} كافة ومكفوفة مفيدة للحصر. {يَأْمُرُكُمْ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {الشَّيْطانِ} والكاف مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {بِالسُّوءِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {وَالْفَحْشاءِ:} معطوف على ما قبله. (أن): حرف مصدري، ونصب. {تَقُولُوا:}

فعل مضارع منصوب ب‍ (أن)، وعلامة نصبه حذف النون... إلخ، والواو فاعل، والألف للتفريق و (أن) والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر معطوف على (السّوء {وَالْفَحْشاءِ}).

{عَلَى اللهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {لا:} نافية. {تَعْلَمُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة: ({ما}) أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: الذي، أو شيئا لا تعلمونه.

{وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اِتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠)}

الشرح: {وَإِذا قِيلَ لَهُمُ:} وإذا قيل للمشركين: {اِتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ} على رسوله من الوحي، والقرآن، والهدى، والنور، والإيمان، واتركوا ما أنتم عليه من الجهل، والضّلال، والطّغيان. {قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ..}. إلخ. ونظيرها الآية رقم [٢١] من سورة (لقمان)، وأيضا قوله تعالى: {وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا} رقم [١٠٤] من سورة (المائدة). وإنما عدل عن الخطاب معهم للنّداء على ضلالتهم، كأنه التفت إلى العقلاء، وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>