العمر، هذا؛ وقيد سبحانه الخلود بالأبد حتى لا يفهم منه المكث الطويل. {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} أي: لمن آمن به وبرسوله، وعمل بطاعته وجاهد في سبيله.
الإعراب:{خالِدِينَ}: حال من الضمير المجرور باللام منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. وفاعله مستتر فيه. {فِيها}: متعلقان ب {خالِدِينَ}. {أَبَداً}: ظرف زمان متعلق به أيضا. {عِنْدَهُ}: ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم. {أَجْرٌ}: مبتدأ مؤخر. {عَظِيمٌ}: صفته، والجملة الاسمية:
{عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} في محل رفع خبر {إِنَّ،} والجملة الاسمية: {إِنَّ اللهَ..}. إلخ تعليل، أو مستأنفة لا محل لها.
الشرح:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا..}. إلخ: ظاهر هذه الآية: أنها خطاب لجميع المؤمنين كافة، وهي باقية إلى يوم القيامة في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين، وروت فرقة: أن هذه الآية إنما نزلت في الحض على الهجرة، ورفض بلاد الكفرة، فالمخاطبة على هذا إنما هي للمؤمنين الذين كانوا بمكة وغيرها من بلاد العرب. انتهى. قرطبي.
أقول: خصوص السبب لا يمنع التعميم أبدا، وأحكام القرآن أغلبها نزل في سبب، وهي باقية إلى يوم القيامة بلا ريب وبلا شك. ولم يذكر الأبناء في هذه الآية؛ لأنهم تبع للآباء في الأغلب. {أَوْلِياءَ} أي: بطانة وأصدقاء تفشون إليهم أسراركم، وتؤثرون المقام معهم على الهجرة، وانظر الآية [٣](الأعراف). {اِسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ}: أحبوا واختاروا الكفر على الإيمان، وانظر {كَفَرُوا} في الآية رقم [٦٦](الأعراف). و {الْإِيمانِ} في الآية رقم [١] منها. {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ}: يعني: ومن يختار المقام معهم على الهجرة والجهاد، فقد ظلم نفسه بمخالفة أمر الله، واختيار الكفار على المؤمنين، وقال ابن عباس: هو مشرك مثلهم؛ لأن من رضي بالشرك فهو مشرك، هذا؛ والرضا بالمعصية معصية أيضا، ولا تنس مراعاة لفظ (من) في الفاعل، ومعناها في الإشارة.
تنبيه: نزلت الآية الكريمة في المهاجرين، فإنهم لما أمروا بالهجرة، قالوا: إن هاجرنا قطعنا آباءنا، وإخواننا، وعشائرنا، وذهبت تجارتنا، وبقينا ضائعين.
الإعراب:{يا أَيُّهَا}: (يا): حرف نداء ينوب مناب أدعو. (أيها): نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب بأداة النداء، و (ها): حرف تنبيه لا محل له، وأقحم للتوكيد، وهو عوض