الشرح:{قالَ} أي: موسى متعذرا. {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي} أي: بعد هذه المرة، ففارقني، ولا تصحبني معك. هذا؛ وقرئ: «(فلا تصحبني)» و «(لا تصحبنّي)». {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً} أي: بلغت مبلغا تعذر به في ترك مصاحبتي. وقرئ:{لَدُنِّي} بقراءات كثيرة. وانظر رقم [٨٠] من سورة (الإسراء).
فعن أبي بن كعب-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «رحمة الله علينا، وعلى موسى» -وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه- «لولا أنه عجل لرأى العجب، ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة». متفق عليه، ومعنى ذمامة: حياء وإشفاق، من الذم واللوم.
الإعراب:{قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى {مُوسى} تقديره: «هو». {إِنْ:} حرف شرط جازم. {سَأَلْتُكَ:} ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء فاعله، والكاف مفعوله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {عَنْ شَيْءٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني. {بَعْدَها:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، أو هو متعلق بمحذوف صفة {شَيْءٍ} و (ها): في محل جر بالإضافة.
{فَلا:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (لا): ناهية جازمة. {تُصاحِبْنِي:} مضارع مجزوم ب: (لا) الناهية، أو هو مبني على الفتح في محل جزم على القراءة الثانية، والنون للوقاية، والفاعل مستتر تقديره:«أنت»، وياء المتكلم مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {بَلَغْتَ:} فعل، وفاعل. {مِنْ لَدُنِّي:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {عُذْراً،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، و (لدن) مبني على السكون في محل جر ب: {مِنْ،} وانظر ما قيل فيه من قراءات، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به. {عُذْراً:}
مفعول به، وجملة:{قَدْ بَلَغْتَ..}. إلخ في محل نصب حال من الفاعل المستتر، والرابط:
الضمير، وإن اعتبرتها تعليلا للنهي فالمعنى لا يأباه. تأمل.
الشرح:{فَانْطَلَقا حَتّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: هي أنطاكية.
وقيل: هي الأبلّة قاله قتادة، وابن سيرين، وهي أبخل قرية، وأبعدها من السماء. وقيل غير ذلك أقوال كثيرة، وهذا كله بحسب الخلاف في أي ناحية من الأرض كانت القصة، كما رأيت في الكلام على مجمع البحرين، والله أعلم بحقيقة ذلك.