مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب للشرط المقدر ب: «إذا»، وجملة:
{وَاصْطَبِرْ:} معطوفة عليها، لا محل لها مثلها، والكلام كله في محل نصب مقول القول.
{وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (٢٩)}
الشرح: {وَنَبِّئْهُمْ:} أخبرهم. {أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} أي: بين آل ثمود، وبين الناقة، لها يوم، ولهم يوم، كما قال تعالى في سورة (الشعراء) رقم [١٥٥]: {قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}. قال ابن عباس-رضي الله عنهما- «كان يوم شربهم لا تشرب الناقة شيئا من الماء، وتسقيهم لبنا، وكانوا في نعيم، وإذا كان يوم الناقة شربت الماء كله، فلم تبق لهم شيئا». وانظر ما ذكرته في الاية رقم [٤٩] من سورة (النمل) وفي سورة (الشعراء) تجد ما يسرك.
وإنما قال تعالى: {بَيْنَهُمْ؛} لأن العرب إذا أخبروا عن بني آدم مع البهائم غلّبوا بني آدم. {كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ:} الشرب بالكسر: الحظ، والنصيب من الماء، وهو بمعنى المشروب، كالطحن بمعنى المطحون. ومعنى «محتضر»: يحضره من هو له، فالناقة تحضر الماء يوم وردها، وتغيب عنهم يوم وردهم، قاله مقاتل. وقال مجاهد: إن ثمود يحضرون الماء يوم غبها، فيشربون، ويحضرون اللبن يوم وردها، فيحتلبون.
{فَنادَوْا صاحِبَهُمْ} هو قدار بن سالف، قال الأفوه الأودي: [البسيط]
أو قبله كقدار حين تابعه... على الغواية أقوام فقد بادوا
والعرب تسمّي الجزار قدارا، تشبيها بقدار بن سالف مشؤوم آل ثمود، قال مهلهل بن ربيعة: [الكامل]
إنّا لنضرب بالسيوف رؤوسهم... ضرب القدار نقيعة القدّام
{فَتَعاطى فَعَقَرَ:} فاجترأ على تعاطي عقرها، فقتلها، أو فتعاطى السيف، فقتلها، والتعاطي:
تناول الشيء بتكلف، من قولهم: عطوت؛ أي: تناولت، ومنه قول حسان-رضي الله عنه-: [الكامل]
كلتاهما حلب العصير فعاطني... بزجاجة أرخاهما للمفصل
وقال بعض بني يشكر-وهو الشاهد رقم [٤٢] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الطويل]
ويوما توافينا بوجه مقسّم... كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم
هذا؛ واسم الفاعل من: تعاطى: معاط، قال أوس بن حجر التميمي الجاهلي، وهو الشاهد رقم [٤٣] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل]
فأمهله حتّى إذا أن كأنّه... معاطي يد في لجّة الماء غامر