للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومتعلقة بفعله المقدر. انتهى جمل. وقال البيضاوي، والنسفي: والباء تتعلق بفعل القسم المحذوف، تقديره: فبسبب إغوائك أقسم، أو تكون للقسم، أي: فأقسم بإغوائك. وقال أبو البقاء: الباء تتعلق ب‍ {لَأَقْعُدَنَّ،} ولا وجه له؛ لأن اللام تمنعه، وعلى قول الخازن ف‍: (ما) استفهامية مبنية على السكون في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بالفعل بعدهما، والوقف يكون عليه، وما بعده كلام مستأنف، وعليه فالجملة فعلية، وهي في محل نصب مقول القول. انتهى بتصرف كبير. {لَأَقْعُدَنَّ:} اللام: واقعة في جواب القسم. (أقعدن): مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة التي هي حرف لا محل له، والفاعل مستتر تقديره:

«أنا». {لَهُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {صِراطَكَ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، أو هو منصوب على نزع الخافض، التقدير: على صراطك، كقولهم (ضرب زيد الظهر والبطن) والكاف في محل جر بالإضافة. {الْمُسْتَقِيمَ:} صفة، وجملة: {لَأَقْعُدَنَّ..}. إلخ جواب القسم المحذوف المدلول عليه بالباء، وهي جواب قسم محذوف على قول الخازن، وعلى الاعتبارين فالقسم، وجوابه في محل نصب مقول القول، والجملة الفعلية: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ (١٧)}

الشرح: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ..}. إلخ: قال البيضاوي: أي: من جميع الجهات الأربع مثل قصده إياهم بالتسويل، والإضلال من أي وجه يمكنه بإتيان العدو من الجهات الأربع، ولذلك لم يقل:

من فوقهم، ومن تحت أرجلهم. وقيل: لم يقل: من فوقهم؛ لأن الرحمة تنزل من فوق، ولم يقل:

من تحتهم لأن الإتيان منه يوحش الناس. وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ:}

من قبل الآخرة. {وَمِنْ خَلْفِهِمْ:} من قبل الدنيا. {وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ:} من جهة حسناتهم، وسيئاتهم، ويحتمل أن يقال: {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ:} من حيث يعلمون، ويقدرون على التحرز عنه، {وَمِنْ خَلْفِهِمْ:} من حيث لا يعلمون، ولا يقدرون. {وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ:} من حيث يتيسر لهم أن يعملوا، ويتحرزوا، ولكن لم يفعلوا لعدم تيقظهم، واحتياطهم. وإنما عدي الفعل إلى الأولين، بحرف الابتداء؛ لأنه منهما متوجه إليهم، وإلى الأخيرين بحرف المجاوزة، فإن الآتي منهما كالمنحرف عنهم المار على عرضهم. ونظيره قولهم: جلست عن يمينه. انتهى بحروفه.

{وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ:} مطيعين مؤمنين وموحدين، وإنما قال اللعين هذا ظنا منه لقوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} وذلك لما رأى منهم: أن مبدأ الشر متعدد، ومبدأ الخير واحد. وقيل: سمعه من الملائكة. وقيل: رآه في اللوح المحفوظ. انتهى بيضاوي، وغيره. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١١٩] (النساء) تجد ما يسرك. هذا؛ و (أيمان) جمع: يمين، والمراد: اليد

<<  <  ج: ص:  >  >>