للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (٣١)}

الشرح: {مِثْلَ..}. إلخ: أي: إني أخاف عليكم مثل جزاء، وعقوبة قوم نوح، وعاد، وثمود؛ حيث أهلكهم الله بذنوبهم في الدنيا. {وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ} أي: مثل قوم إبراهيم، ولوط، وشعيب وغيرهم. هذا؛ وعاد هم: قوم هود، وثمود هم: قوم صالح، على نبينا، وعلى جميع الأنبياء، والمرسلين ألف صلاة، وألف سلام. {وَمَا اللهُ يُرِيدُ..}. إلخ: أي: فلا يعاقبهم بغير ذنب، ولا يترك الظالم منهم بغير انتقام. والمعنى: أن تدميرهم، وإهلاكهم كان عدلا منه تعالى؛ لأنهم استحقوه بسبب أعمالهم الخبيثة، وهو أبلغ من قوله تعالى: {وَما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ} حيث جعل المنفي إرادة ظلم منكّر، ومن بعد عن إرادة ظلم ما لعباده؛ كان عن الظلم أبعد، وأبعد. وتفسير المعتزلة بأنه لا يريد لهم أن يظلموا بعيد؛ لأن أهل اللغة قالوا: إذا قال الرجل لآخر: لا أريد ظلما لك؛ معناه: لا أريد أن أظلمك.

هذا؛ وانظر الإرادة في الآية رقم [٤] من سورة (الزمر). أما (الدأب) فهو: العادة، والشأن، والحال، وهو أيضا مصدر: دأب في العمل من باب قطع؛ إذا جد واستمر فيه، وهو بمعانيه كلها تفتح الهمزة وتسكن، قال تعالى في سورة (آل عمران) وسورة (الأنفال): {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا..}. إلخ، وانظر شرح (مثل) في سورة (يس) رقم [١٥]، وشرح {قَوْمِ} في سورة (الصافات) رقم [٣٠]، وشرح لفظ الجلالة في سورة (ص) رقم [٦٥].

الإعراب: {مِثْلَ:} بدل من سابقه، أو عطف بيان عليه، و {مِثْلَ} مضاف، و {دَأْبِ} مضاف إليه، و {قَوْمِ} مضاف، و {نُوحٍ} مضاف إليه. {وَعادٍ:} معطوف على ما قبله.

{وَثَمُودَ:} معطوف أيضا مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة. {وَالَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر معطوف على ما قبله.

{مِنْ بَعْدِهِمْ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَمَا:} الواو:

واو الحال. (ما): نافية حجازية تعمل عمل: «ليس»، أو هي مهملة. {اللهُ:} اسم (ما)، أو مبتدأ. {يُرِيدُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى: {اللهُ}. {ظُلْماً:} مفعول به. {لِلْعِبادِ:}

متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان ب‍: {ظُلْماً؛} لأنه مصدر، والجملة الفعلية في محل نصب خبر (ما)، أو في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من: {قَوْمِ نُوحٍ} وما بعده، والرابط: الواو فقط. وقيل: معطوفة على ما قبلها، وعليه فلا محل لها.

{وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ (٣٢)}

الشرح: {وَيا قَوْمِ..}. إلخ: أي: وقال الرجل المؤمن أيضا. فخوفهم بالعذاب الأخروي بعد أن خوفهم بالعذاب الدنيوي. و {يَوْمَ التَّنادِ} هو يوم القيامة، يكثر فيه نداء أصحاب الجنة

<<  <  ج: ص:  >  >>