على الألف للتعذّر. {أَرْبَعِينَ:} مفعول به ثان منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض من التنوين في الاسم المفرد، وهو على حذف مضاف؛ إذ الأصل: تمام أربعين. {لَيْلَةً:} تمييز. {ثُمَّ:} حرف عطف. {اِتَّخَذْتُمُ:} فعل وفاعل. {الْعِجْلَ:} مفعول به أول، والمفعول الثاني محذوف، التقدير: ثم اتخذتم العجل إلها.
{مِنْ بَعْدِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. وقيل: متعلقان بمحذوف حال، وليس بشيء. ولو قيل:
متعلقان بمحذوف صفة إلها المحذوف؛ لكان وجها مقبولا، وجملة: {اِتَّخَذْتُمُ..}. إلخ: معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها. {وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ:} مبتدأ، وخبر، والجملة الاسمية في محل نصب حال من تاء الفاعل، والرابط: الواو، والضمير، وقال الزّمخشري، وتبعه البيضاويّ، والنّسفيّ: معترضة في آخر الكلام. وقيل: مستأنفة.
{ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢)}
الشرح: {ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ:} صفحنا عنكم، فالعفو: محو الذنب، أي: محونا ذنوبكم، وتجاوزنا عنكم، وهو بهذا المعنى كثير في القرآن كثرة لا تعدّ، ولا تحصى، كما يأتي «عفا» بمعنى الكثرة، قال تعالى: {ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتّى عَفَوْا} الآية رقم [٩٥] من سورة (الأعراف) أي: حتى كثروا، ونموا في أنفسهم، وأموالهم. من قولهم: عفا النبات، وعفا الشّحم، والوبر: إذا كثر، قال الحطيئة: [الطويل]
بمستأسد الغربان عاف نباته... بأسؤق عافيات الشّحم أكوم
وعفا المنزل، يعفو عفاء: إذا انمحت آثاره، وذهبت معالمه، قال الأخطل التّغلبيّ، وهو الشاهد رقم [٤٩٨] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [البسيط]
وبالصّريمة منهم منزل خلق... عاف تغيّر إلاّ النّؤي والوتد
وعفو المال: ما يفضل عن النفقة، قال تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} رقم [٢١٩] الآتية، والعافي: طالب المعروف، والإحسان، قال عروة بن الورد العبسيّ المعروف بعروة الصّعاليك: [الطويل]
وإنّي امرؤ عافي إنائي شركة... وأنت امرؤ عافي إنائك واحد
وجمع العافي: عفاة، قال الأعشى في مدح ممدوحه: [المتقارب]
تطوف العفاة بأبوابه... كطوف النّصارى ببيت الوثن
وانظر إعلال (عفوا) فيما تقدّم.
{مِنْ بَعْدِ ذلِكَ:} من بعد عبادة العجل. {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. هذا؛ والفعل «شكر» يتعدّى بنفسه،