للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محذوف، التقدير: بغافل عن الّذي، أو: عن شيء تعملونه. وعلى اعتبارها مصدرية تؤوّل مع ما بعدها بمصدر في محل جر ب‍ (عن) التقدير: وما الله بغافل عن عملكم. والجملة الاسمية هذه في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير، فتكون الحال قد تعدّدت، وهي جملة، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (١٠٠)}

الشرح: سبب نزول الآية الكريمة، والتي بعدها ما ذكر: أنّه مرّ «شاس بن قيس اليهودي» -لعنه الله تعالى! -على نفر من الأنصار من الأوس والخزرج في مجلس لهم يتحدّثون، فغاظه تحدّثهم، وتآلفهم، فأمر شابّا من اليهود أن يذكّرهم «يوم بعاث» لعلّهم يغضبون-وكان يوما اقتتلت فيه الأوس، والخزرج قبل الإسلام، وكان الظّفر فيه للأوس-ففعل، فتنازع القوم عند ذلك، وقالوا: السلاح السلاح، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين، والأنصار، فقال: «أدعوى الجاهلية، وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام، وألّف بين قلوبكم؟!». فعرف القوم: أنها نزعة من الشّيطان، وكيد من عدّوهم، فألقوا السّلاح. وبكوا، وعانق بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع الرّسول صلّى الله عليه وسلّم سامعين مطيعين، ونزلت الآيتان. قال جابر بن عبد الله-رضي الله عنه-: ما رأيت يوما أقبح أوّل، وأحسن آخرا من ذلك اليوم! هذا؛ وإنما خاطبهم الله عز وجل بنفسه بعد أن أمر رسوله بأن يخاطب أهل الكتاب إظهارا لجلالة قدرهم، وإشعارا بأنّهم هم الأحقّاء بأن يخاطبهم الله، ويكلمهم. والله أعلم، وأجلّ، وأكرم.

الإعراب: ({يا}): أداة نداء تنوب مناب: أدعو. ({أَيُّهَا}): منادى نكرة مقصودة مبنيّة على الضمّ في محل نصب ب‍ (يا) و (ها): حرف تنبيه لا محل له من الإعراب، وأقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه، ولا يقال: ضمير في محل جر بالإضافة؛ لأنه يجب حينئذ نصب المنادى.

{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع بدلا من: (أي). وانظر الآية رقم [١] من سورة (النساء). {آمَنُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول، والمتعلق محذوف. {إِنْ:} حرف شرط جازم. {تُطِيعُوا:} فعل مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية. ويقال: لأنّها جملة شرط غير ظرفي. {فَرِيقاً:} مفعول به.

{مِنَ الَّذِينَ:} متعلقان ب‍ {فَرِيقاً} أو بمحذوف صفة له. {أُوتُوا:} فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، وهو المفعول الأول. {الْكِتابَ:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {يَرُدُّوكُمْ:} جواب الشرط مجزوم مثل سابقه، وعلامة

<<  <  ج: ص:  >  >>