للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرب منه؛ لأن القصد بيان حال المكذبين، وذكرهم في معرض المصدقين بها جمعا بين الترغيب، والترهيب. {أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ:} انظر شرح {أَصْحابُ} في الاية رقم [٩١] من سورة (الواقعة). هذا؛ وقد جعل الكفار أصحاب النار بمعنى: مالكيها لملازمتهم لها، وعدم انفكاكهم عنها، وقل مثله في أصحاب الجنة. {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي: بئس المقر، والمرجع، والماب نار جهنم لمن دخلها! والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والماب.

الإعراب: {وَالَّذِينَ:} (الواو): حرف عطف. (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. {بِآياتِنا:} متعلقان بما قبلهما، و (نا): في محل جر بالإضافة. {أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {أَصْحابُ:} خبر المبتدأ، و {أَصْحابُ} مضاف. {النّارِ:} مضاف إليه من إضافة جمع اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: (الذين...) إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{خالِدِينَ:} حال من {أَصْحابُ النّارِ} منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين من الاسم المفرد. {وَبِئْسَ:} الواو: استئنافية. (بئس):

فعل ماض جامد لإنشاء الذم. {الْمَصِيرُ:} فاعل بئس والمخصوص بالذم محذوف، التقدير:

وبئس المصير المذمومة النار، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها.

{ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١)}

الشرح: {ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ:} انظر الاية رقم [٢٢] من سورة (الحديد) ففيها الكفاية.

{إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ} أي: بإرادته، وقضائه، وعلمه، ومشيئته، كأنه أذن للمصيبة أن تصيبه. {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ} أي: يصدّق: أنه لا يصيبه مصيبة من موت، أو مرض، أو ذهاب مال، ونحو ذلك إلا بقضاء الله، وقدره، وإذنه. {يَهْدِ قَلْبَهُ} أي: يوفقه لليقين؛ حتى يعلم: أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه؛ لم يكن ليصيبه. فيسلم لقضاء الله تعالى، وقدره. وقيل: يهد قلبه للاسترجاع عند المصيبة، حتى يقول: إنا لله، وإنا إليه راجعون، أو يشرحه للازدياد من الطاعة، والخير. وعن مجاهد-رحمه الله تعالى-: إن ابتلي صبر، وإن أعطي شكر، وإن ظلم غفر.

وقيل: سبب نزول الاية الكريمة: أن الكفار قالوا: لو كان ما عليه المسلمون حقا؛ لصانهم الله من المصائب في الدنيا، فبين الله تعالى أن ما أصاب من مصيبة في نفس، أو مال، أو قول، أو فعل يقتضي هما، أو يوجب عقابا، عاجلا، أو آجلا، فبعلم الله، وقضائه، {وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ:} لا يخفى عليه تسليم من انقاد وسلّم لأمره، ولا كراهة من كرهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>