هذا؛ وأصل (تواصوا): (تواصى) فلما اتصل به واو الجماعة؛ صار (تواصاوا) فالتقى ساكنان: الألف والواو، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، ثم تحرك الواو بالضمة لالتقائها ساكنة مع ما بعدها، مثل (رأوا الحق واضحا) ولم تحرك بالكسرة؛ لأن الكسرة لا تناسبها.
وقيل: تحرك بالضم دون غيره، ليفرق بين الواو الأصلية، وبين واو الجماعة في نحو قولك (لو اجتهدت؛ لنجحت). وقيل: ضمت؛ لأن الضمة هنا أخف من الكسرة؛ لأنها من جنس الواو. وقيل: حركت بحركة الياء المحذوفة؛ لأن الأصل تواصيوا. وقيل: غير ذلك.
الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {كانَ:} فعل ماض ناقص، واسمه يعود إلى {الْإِنْسانَ}.
{مِنَ الَّذِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {كانَ،} والجملة الفعلية معطوفة على جملة {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} وبينهما كلام معترض لا محل له. وقد أفاد إفادة عظيمة، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {وَتَواصَوْا:} الواو: حرف عطف.
(تواصوا): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة؛ التي هي فاعله، والألف للتفريق. {بِالصَّبْرِ:} متعلقان بالفعل (تواصوا)، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، والتي بعدها معطوفة عليها أيضا.
{أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {أَصْحابُ:} خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {الْمَيْمَنَةِ:} مضاف إليه، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠)}
الشرح: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا:} آيات القرآن. {هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ} أي: الذين يأخذون كتبهم بشمائلهم. أو لأن منزلتهم عن الشمال. وانظر ما ذكرته في سورة (الواقعة)، تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. هذا؛ وذكر الله المؤمنين باسم الإشارة تكريما لهم بأنهم حاضرون عنده تعالى في دار كرامته، وذكرهم بما يشار به للبعيد تعظيما لهم بالإشارة إلى علو درجتهم، وارتفاعها، وذكر الكافرين بضمير الغيبة إشارة إلى أنهم غيب عن مقام كرامته، وشرف الحضور عنده. انتهى. جمل نقلا من زاده. ولا تنس المقابلة بين ما ذكر في هذه الآية، وما ذكر في الآية السابقة. {عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ:} مطبقة، مغلقة. قال الشاعر: [الطويل]
تحنّ إلى أجبال مكّة ناقتي... ومن دونها أبواب صنعاء موصدة
وقيل: مبهمة، لا يدرى ما داخلها، فلا ضوء فيها، ولا فرج، ولا خروج منها آخر الأبد.
وقال أبو عمران الجوني: إذا كان يوم القيامة؛ أمر الله بكل جبار عنيد، وكل شيطان مريد، وكل