وانظر الآية رقم [١٠٤]. {بِوَكِيلٍ:} تقوم بأمورهم، وتتولى شئونهم. هذا؛ وعند التأمل يظهر لك: أن معنى الجملتين واحد، فمعنى الثانية مؤكد لمعنى الأولى. وهذا قبل الأمر بقتال المشركين، كما في الآية السابقة.
الإعراب:{وَلَوْ:} الواو: حرف استئناف. (لو): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {شاءَ اللهُ:} فعل وفاعل. والمفعول محذوف كما رأيت تقديره في الشرح. {ما:} نافية. {أَشْرَكُوا:}
فعل، وفاعل. والألف للتفريق، وانظر إعراب:{آمَنُوا} في الآية رقم [٥/ ١] والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب لشرط غير جازم، والأولى لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، و (لو) ومدخولها كلام مستأنف. {ما:} نافية. {جَعَلْناكَ:} فعل، وفاعل، ومفعول أول، وانظر إعراب:{حَلَلْتُمْ} في الآية رقم [٥/ ٢]. {عَلَيْهِمْ:} متعلقان بما بعدهما. {حَفِيظاً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية معطوفة على (لو) ومدخولها، أو هي مستأنفة لا محل لها {وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} إعراب هذه الجملة مثل إعراب: {وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} في الآية رقم [١٠٤] بلا فارق. والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا، ولا تنس: أن مفعول {حَفِيظاً} محذوف؛ لأنه ينصب المفعول كفعله:(حفظ، يحفظ) وتقديره: (أعمالهم) ونحوه. تأمل، وتدبر، والله أعلم، وأجل، وأعظم.
الشرح:{وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} أي: ولا تذكروا آلهة المشركين التي يعبدونها بما فيها من القبائح. {فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي: اعتداء، وتجاوزا عن الحق إلى الباطل. {بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي: على جهالة بالله، وبما يجب أن يذكر به من تقديس، وثناء، وشكر.
{اللهِ:} انظر الاستعاذة. {كَذلِكَ زَيَّنّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} أي: من الخير، والشر بإحداث ما يمكنهم منه، ويحملهم عليه توفيقا، وتخذيلا، والمعنى: زينا لهؤلاء الكفارة عملهم، كما زينا لكل أمة عملهم، وانظر (نا) في الآية رقم [٧/ ٦] و {أُمَّةٍ} في الآية رقم [٥/ ٦٦] والآية [٣٨]. {ثُمَّ:} انظر الآية رقم [٥/ ٤٣]. {رَبِّهِمْ:} انظر سورة (الفاتحة) رقم [١] أو [٧/ ٢]. {فَيُنَبِّئُهُمْ:} انظر الآية رقم [٥/ ١٥] وانظر: {دُونِ} في الآية [٧/ ٣] و (غير) في سورة (الفاتحة).
تنبيه: روي: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يطعن في آلهة المشركين، فقالوا له: لتنتهين عن سب آلهتنا، أو لنهجون إلهك، فنزلت الآية الكريمة. وقيل: كان المسلمون يسبونها، فنهوا عن ذلك؛ لئلا يكون سبهم سببا لسب الله تعالى. وفيه دليل على أن الطاعة إذا أدت إلى معصية راجحة؛ وجب تركها، فإن ما يؤدي إلى الشر شر. انتهى بيضاوي.