للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: والتقدير: أراد الله به ليبيّن لكم، ومثل هذه الآية الآية رقم [٣٢] من سورة (التّوبة)، والآية رقم [٣٣] من سورة (الأحزاب)، والآية رقم [٧١] من سورة (الأنعام)، والآية رقم [٨] من سورة (الصف) ومثل ذلك قول كثيّر عزّة-وهو الشّاهد رقم [٢٩٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الطويل]

أريد لأنسى ذكرها فكأنّما... تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل

{لَكُمْ:} جار ومجرور، متعلّقان بما قبلهما. {وَيَهْدِيَكُمْ:} معطوف على ما قبله منصوب مثله، والفاعل يعود إلى: {اللهُ} والكاف مفعول به أول. {سُنَنَ:} مفعول به ثان، وهو مضاف. و {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. {مِنْ قَبْلِكُمْ:}

متعلّقان بمحذوف صلة الموصول. {وَيَتُوبَ:} معطوف على ما قبله منصوب أيضا، والفاعل يعود إلى: {اللهُ} أيضا. {عَلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلّقان بما قبلهما، وتقدير الكلام بعد تأويل الأفعال بمصادر: يريد الله لكم التبيين، وهدايتكم إلى طرق من قبلكم، والتوبة عليكم. وجملة:

{يُرِيدُ..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها، والجملة الاسمية: {وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ:} مستأنفة أيضا.

{وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (٢٧)}

الشرح: {وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ:} كرّره للتوكيد، وقال ابن عبّاس-رضي الله عنهما-: يريد أن يخرجكم من كل ما يكره إلى ما يحبّ، ويرضى. وقيل: معناه: يدلّكم على ما يكون سببا لتوبتكم التي يغفر لكم بها ما سلف من ذنوبكم. {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ:}

المراد بهم اليهود، والنصارى، والمجوس، فقد كانوا ينكحون الأخوات من الأب، وبنت الأخ، وبنت الأخت، فلمّا حرّمهن الله تعالى؛ قالوا: إنكم تحلّون بنت الخالة، وبنت العمّة، والخالة، والعمّة عليكم حرام، فانكحوا بنت الأخ، وبنت الأخت، فنزلت الآية. وقيل: هم الزّناة يريدون أن تكونوا مثلهم. هذا؛ و {الشَّهَواتِ} جمع: شهوة، وهي حلال إن كانت ممّا أباحه الشّرع الشريف، وحرام إن كانت ممّا حرّمه الدّين الحنيف.

{أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً} أي: بموافقتهم على اتباع الشّهوات، واستحلال المحرّمات، فتكونوا مثلهم. هذا؛ والفعل «مال، يميل» من الأفعال التي يتغيّر معناها بتغيّر الجارّ، فتقول:

ملت عنه: إذا كرهته، وأعرضت عنه، وملت إليه: إذا أحببته، وأقبلت عليه. وانظر الآية رقم [١٢٧]: الآتية، ورقم [١٣٥].

الإعراب: ({اللهُ}): مبتدأ. {يُرِيدُ:} فعل مضارع، وفاعله يعود إلى ({اللهُ}). {أَنْ يَتُوبَ} فعل مضارع منصوب ب‍ {أَنْ:} والفاعل يعود إلى ({اللهُ})، والمصدر المؤوّل منهما في محلّ نصب

<<  <  ج: ص:  >  >>