به، ولذا اختلف في معنى إرادته تعالى، فقيل: إرادته لأفعاله: أنّه غير ساه، ولا مكره، ولأفعال غيره أمره بها. فعلى هذا لم تكن المعاصي بإرادته. وقيل: علمه باشتمال الأمر على النّظام الأكمل، والوجه الأصلح، وانظر الآية رقم [٢٨].
هذا؛ و {سُنَنَ} جمع: سنّة، وهي الشريعة، والطريقة، قال خالد بن زهير الهذلي، وهو الشاهد رقم [٩٢٣]: من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل]
فلا تجزعن من سيرة أنت سرتها... فأوّل راض سنّة من يسيرها
والسّنّة: الإمام المتّبع المؤتم به، قال لبيد-رضي الله عنه-في معلّقته:[الكامل]
من معشر سنّت لهم آباؤهم... ولكلّ قوم سنّة وإمامها
والسنّة: الأمة، والسّنن: الأمم. قال المفضّل، وأنشد:[البسيط]
ما عاين النّاس من فضل كفضلهم... ولا رأوا مثلهم في سالف السّنن
هذا؛ والسّنّة بمعنى الشّريعة، والطريقة، تكون حسنة إن كانت في الخير، وتكون سيئة إن كانت في الشر، وخذ ما يلي: عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من سنّ خيرا فاستنّ به؛ كان له أجره، ومثل أجور من تبعه غير منتقص من أجورهم شيئا، ومن سنّ شرّا، فاستنّ به؛ كان عليه وزره، ومثل أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئا». رواه الإمام أحمد، والحاكم عن حذيفة-رضي الله عنه-. ورواه مسلم، وابن ماجة، والترمذي عن جرير بن عبد الله البجلي بأطول من هذا.
الإعراب:{يُرِيدُ:} فعل مضارع. {اللهُ:} فاعله. {لِيُبَيِّنَ:} في اللام أوجه: أحدها:
أنّها مزيدة في مفعول فعل الإرادة. قاله الزمخشري في غير هذا الموضع، وكأنّ هذه اللام زيدت مع فعل الإرادة توكيدا له، لما فيها من معنى الإرادة. وقال ابن عطيّة-رحمه الله تعالى-: اللام مؤكدة، دخلت على المفعول به؛ لأنّ التقدير: يريد الله بما أنزل التّبيين. وقيل: اللام لام التعليل، والفعل منصوب ب «أن» مضمرة بعد لام التعليل، و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل، والجار والمجرور متعلّقان بالفعل قبلهما، وعليه فالمفعول محذوف، والتقدير: يريد الله بما أنزل التبيين. الثالث: أنّها بمعنى «أن» الناصبة، وأنّها نصبت الفعل بنفسها. قال الفرّاء: العرب تجعل لام «كي» في موضع «أن» في: أراد، وأمر، وإليه ذهب الكسائي، وخطّأ الزجّاج هذا القول، وقال: لو كانت اللام بمعنى «أن» لدخلت عليها لام أخرى، كما تقول: جئت كي تكرمني، ثمّ تقول: جئت لكي تكرمني، وأنشد قول قيس بن عبادة:[الطويل]