للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجملة: «لا تقيمن» بدل من جملة «ارحل»؛ لأن دلالة الثانية على ما أراده من إظهار الكراهية لإقامته أوفى بالمراد، فإنه اشتهر في إظهار الكراهية عرفا بخلاف الأولى، فإن دلالتها على ذلك بالالتزام، لكن البدلية في البيت بدل اشتمال، وفي الآية الكريمة بدل البعض، وانظر بدل الكل في الآية رقم [٦٩] من سورة (الفرقان). {وَبَنِينَ:} معطوف على ما قبله مجرور مثله، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {وَجَنّاتٍ وَعُيُونٍ:} معطوفان على (أنعام). {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم ضمير متصل في محل نصب اسمها. {أَخافُ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره:

«أنا»، {عَلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {عَذابَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {يَوْمٍ} مضاف إليه. {عَظِيمٍ:} صفة: {يَوْمٍ،} وإن اعتبرته صفة: {عَذابَ،} فيكون قد جر على الجوار، وجملة: {أَخافُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية: {إِنِّي..}. إلخ تعليل للأمر، والكلام: {فَاتَّقُوا اللهَ..}. إلخ كله في محل نصب مقول القول؛ لأنه من مقول هود، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

{قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (١٣٦) إِنْ هذا إِلاّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧) وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨)}

الشرح: {قالُوا} أي: قوم هود له، {سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ..}. إلخ: أي: وعظك وعدمه عندنا سواء، لا نسمع منك، ولا نلتفت إلى ما تقوله، فإنا لا نرعوي عما نحن عليه. {إِنْ هذا} أي:

الذي تخوفنا به، أو الذي جئتنا به، وهو ترك ما نحن عليه، {إِلاّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ} أي: إلا كذب الأولين، أي: قبلنا، أو ما خلقنا هذا إلا خلقهم نحيا ونموت مثلهم، ولا بعث ولا حساب، ولا ثواب ولا عقاب، وهذا على قراءة «(خلق)» بفتح الخاء، فيكون بمعنى افتراء، وقراءة حفص بضمتين، فيكون المعنى: ما هذا الذي جئت به إلا عادة الأولين، كانوا يلقنون الناس مثله، أو ما هذا الذي نحن عليه من الدين إلا خلق الأولين، وعادتهم، ونحن بهم مقتدون. أو ما هذا الذي نحن عليه من الحياة والموت إلا عادة قديمة لم يزل الناس عليها. انتهى. بيضاوي بتصرف.

{وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} أي: على ما نحن عليه من الدين والعبادة، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

تنبيه: {سَواءٌ} مصدر بمعنى الاستواء، فلذا صح به الإخبار عن متعدد في كثير من الآيات، وقيل: هو بمعنى مستو، وهو لا يثنى، ولا يجمع، قالوا: هم، وهما سواء، فإذا أرادوا لفظ المثنى، قالوا: سيان، وإن شئت؛ قلت: سواآن، وفي الجمع: هم أسواء، وهذا كله ضعيف، ونادر. هذا؛ وانظر الشاهد رقم [٢٤١] من كتابنا فتح القريب المجيب، وموجز القول في «سواء» منه تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، وأيضا على غير القياس قولهم: هم سواس، وسواسية، أي: متساويان، ومتساوون.

<<  <  ج: ص:  >  >>