للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩)}

الشرح: {وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ:} انظر الآية رقم [٣] من سورة (الرعد) ففيها الكفاية. {وَأَنْبَتْنا فِيها} أي: في الأرض، أو في الجبال. {مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} أي: ما يوزن من الذهب، والفضة، والنحاس، والرصاص، والقزدير؛ حتى الزرنيخ والكحل، فيكون (أنبتنا) بمعنى: خلقنا. وقيل: أنبتنا في الأرض الثمار مما يكال ويوزن. وقيل: معنى موزون متناسب في الحسن، والهيئة، والشكل، تقول العرب: فلان موزون الحركات: إذا كانت حركاته متناسبة حسنة، وكلام موزون: إذا كان متناسبا حسنا بعيدا من الخطأ والسخف أوله وزن في أبواب النعمة والمنفعة، ومعنى: (ألقينا) جعلنا، ووضعنا، وانظر شرح: {شَيْءٍ} في الآية رقم [٤] من سورة (هود) عليه السّلام.

الإعراب: {وَالْأَرْضَ:} الواو: حرف عطف. (الأرض): منصوب على الاشتغال بفعل محذوف يفسره المذكور بعده، وهو أحسن من الرفع؛ لأنه معطوف على {بُرُوجاً،} وقد عمل فيه الفعل قبله، فيكون العطف عطف جملة فعلية على ما قبلها. {مَدَدْناها:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية مفسرة للجملة المحذوفة، لا محل لها، وقال الشلوبين بحسب ما تفسره، وما بعدها معطوف عليها. {مِنْ كُلِّ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و {مِنْ} تبعيضية، ويجوز على مذهب الأخفش اعتبار {مِنْ} زائدة، فيكون {كُلِّ} مفعولا به مجرورا لفظا منصوبا محلا. وقيل: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول محذوف التقدير: نباتا من كل شيء، و {كُلِّ:} مضاف، و {شَيْءٍ:} مضاف إليه. {مَوْزُونٍ} صفة شيء. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (٢٠)}

الشرح: {وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ:} تعيشون بها من المطاعم والملابس، وقرئ شاذا:

«(معائش)» بالهمز كصحائف، وهو ليس مثله؛ لأن المد في صحيفة زائد، وفي معيشة أصلي؛ لأن أصلها معيشة كمكرمة، أو معيشة كمنزلة، أو معيشة كمتربة، فالياء أصلية على كل حال. هذا؛ والمعيش والمعيشة: مكسب الإنسان الذي يعيش به، وفي القاموس: العيش: الحياة، والعيش:

الطعام، وما يعاش به. {وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ} أي: من العيال، والخدم، والحيوانات، وسائر ما يظنون أنهم يرزقونهم ظنا كاذبا، فإن الله يرزق الجميع، كما قال سبحانه وتعالى: {وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاّ عَلَى اللهِ رِزْقُها..}. إلخ الآية رقم [٦] من سورة (هود) عليه السّلام، والمعنى:

أنتم تنتفعون بهذه الأشياء، وخلقت لمنافعكم، ولستم برازقين لها، وإنما الرازق للجميع هو الله، وهذا في غاية الامتنان.

<<  <  ج: ص:  >  >>