للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في محل نصب مفعول به. {فِي قُلُوبِكُمْ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول، لا محل لها، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية: {وَاللهُ يَعْلَمُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، وجملة: {وَكانَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها أيضا.

{لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (٥٢)}

الشرح: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ:} يقرأ الفعل بالياء، والتاء؛ لأنه جمع تكسير، يجوز تذكيره، وتأنيثه، وإذا جاز بغير فصل في قوله تعالى: {وَقالَ نِسْوَةٌ} كان مع الفصل أجوز. {مِنْ بَعْدُ} أي: من بعد التسع اللاتي اخترنك المذكورات في الآية رقم [٢٩]. {وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ} أي: بأن تطلق إحداهن، وتتزوج بدلها، أو تطلقهن جميعا، وتتزوج غيرهن، وهذا تكريم لهن، ومكافأة على اختيارهن الله، ورسوله، كما رأيت في الآية رقم [٢٩] أيضا. {وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} أي: حسن المبتدلات الجدد. أي: فليس لك أن تطلق أحدا من نسائك، وتنكح بدلها أخرى، ولو أعجبك جمالها. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يعني: أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة جعفر بن أبي طالب-رضي الله عنه-لما استشهد بمؤتة، أراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يخطبها، فنهي عن ذلك. وقيل: هذا الحجر عليه صلّى الله عليه وسلّم حتى لو ماتت واحدة منهن؛ لا يحل له نكاح أخرى. {إِلاّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ:} فهي استثناء ممن حرم عليه من النساء بعد اللاتي اخترن الله، ورسوله، والدار الآخرة. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ملك مارية القبطية -رضي الله عنها-بعد نزول هذه الآية، وكانت قد أهداها له المقوقس ملك مصر، وذلك حين بعث إليه الرسول صلّى الله عليه وسلّم حاطب بن أبي بلتعة-رضي الله عنه-بكتاب يدعوه فيه إلى الإسلام، صورته: «بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإنما عليك إثم القبط». و {يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ..}. إلخ الآية رقم [٦٤] من سورة (آل عمران)، فلما وصل إليه الكتاب قرأه، ثم جعله في حق من عاج، وختم عليه، ودفعه إلى جارية له، ثم كتاب جوابه في كتاب صورته: «إلى محمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد: فقد قرأت كتابك، وفهمت ما فيه، وما تدعو إليه، وعلمت: أن نبيا قد بقي، وما كنت أظن أنه يخرج إلا بالشام، وقد أكرمت رسولك (أي: فإنه قد دفع لحاطب مائة دينار، وخمسة أثواب) وبعثت لك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم (أي: وهما مارية، وسيرين-رضي الله عنهما-) وبغلة للركوب، وثياب، كذا

<<  <  ج: ص:  >  >>