الشرح: قال مجاهد، وعكرمة: جاء أبيّ بن خلف الجمحي-لعنه الله تعالى-إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وفي يده عظم بال، وهو يفته بيده، ويذره في الهواء، وهو يقول: يا محمد! أتزعم أن الله يبعث هذا؟! فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«نعم يميتك الله تعالى، ثمّ يبعثك، ثمّ يحشرك إلى النّار». فنزل قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ..}. إلخ إلى آخر السورة.
فقد استبعد اللعين إعادة الله تعالى ذي القدرة العظيمة للأجساد، والعظام الرميمة، ونسي نفسه وأن الله تعالى خلقه من العدم إلى الوجود، فعلم من نفسه ما هو أعظم مما استبعده، وأنكره وجحده. انتهى. مختصر ابن كثير.
هذا؛ و (الرميم) اسم لما بلي من العظام غير صفة، كالرمة، والرفات، فلا يقال: لم لم يؤنث؟ وقد وقع خبرا لمؤنث، ولا هو فعيل بمعنى فاعل، أو مفعول. ولقد استشهد بهذه الآية من يثبت الحياة في العظام، ويقول: إن عظام الميتة نجسة؛ لأن الموت يؤثر فيها من جهة أن الحياة تحلها، وهو قول الشافعية. وأما الحنفية فهي عندهم طاهرة، وكذلك الشعر، والعصب، ويزعمون: أن الحياة لا تحلها، فلا يؤثر فيها الموت، ويقولون: المراد بإحياء العظام في الآية ردها إلى ما كانت عليه غضة رطبة في بدن حي حساس. انتهى. كشاف. هذا؛ وقال البيضاوي: والرميم: ما بلي من العظام، ولعله فعيل بمعنى فاعل من: رم الشيء، صار اسما بالغلبة، ولذلك لم يؤنث، أو بمعنى مفعول من رممته. انتهى. والنسفي قال بقول الزمخشري، وكلاهما قد أخذا تفسيرهما من الكشاف. هذا؛ والرميم: الهالك البالي، قال جرير يرثي ابنه:[البسيط] تركتني حين كفّ الدّهر من بصري... وإذ بقيت كعظم الرّمّة البالي
وأصل الكلمة من: رم العظم: إذا بلي، تقول منه: رم العظم، يرم بالكسر، رمّة، فهو رميم، قال الشاعر:[الكامل] ورأى عواقب خلف ذاك مذمّة... تبقى عليه والعظام رميم
وخذ قول الآخر، وهو الشاهد رقم [٢١٠] من كتابنا: «فتح رب البرية»: [الطويل] لعمرك ما الإنسان إلا ابن يومه... على ما تجلّى يومه لا ابن أمسه
وما الفخر بالعظم الرميم وإنّما... فخار الّذي يبني الفخار بنفسه
الإعراب:{وَضَرَبَ:} الواو: حرف عطف. (ضرب): فعل ماض، والفاعل يعود إلى الإنسان. {لَنا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {مَثَلاً:} مفعول به، والجملة الفعلية