الشرح: توجه نوح على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام بهذا الدعاء حين أيس من إيمان قومه، وقد آذنه الله بذلك حين قال له:{وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاّ مَنْ قَدْ آمَنَ..}. إلخ الآية رقم [٣٦] من سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.
{كَذَّبُونِ:} فلم يقبلوا مني ما أدعوهم إليه من الإيمان بك. {فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً:} فاحكم بيني وبينهم حكما فاصلا. هذا؛ والفتاح: القاضي، والفتاحة: الحكومة. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ما كنت أدري ما معنى قوله تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا..}. إلخ حتى سمعت ابنة ذي يزن تقول لزوجها: تعال حتى أفاتحك، يعني: أقاضيك. وهذا قول قتادة، والسدي، وابن جريج، وجمهور المفسرين: أن الفاتح هو القاضي، والحاكم، سمي بذلك؛ لأنه يفتح إغلاق الإشكال بين الخصوم ويفصلها.
وقال الزجاج: وجائز أن يكون معناه: ربنا أظهر أمرنا حتى ينفتح ما بيننا وبين قومنا، وينكشف.
والمراد منه: أن ينزل عليهم عذابا يدل على كونهم مبطلين، وعلى كون شعيب والمؤمنين معه محقين. وعلى هذا الوجه؛ فالفتح يراد به الكشف والتمييز. انتهى. خازن من تفسير الآية رقم [٨٨] من سورة (الأعراف). هذا؛ وانظر شرح (بين) في الآية رقم [٣٨] من سورة (الفرقان).
الإعراب:{قالَ:} فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره:«هو» يعود إلى نوح. {رَبِّ:}
منادى حذفت منه أداة النداء، وانظر شرح ذلك، وتفصيله في الآية رقم [١٦٩] الآتية. {إِنَّ:}
حرف مشبه بالفعل. {قَوْمِي:} اسم {إِنَّ} منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {كَذَّبُونِ:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة المدلول عليها بالكسرة مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر:{إِنَّ}. {فَافْتَحْ:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط غير جازم، وانظر الآية رقم [١٠٨]، (افتح): فعل دعاء، وفاعله ضمير مستتر فيه تقديره:«أنت». {بَيْنِي:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة... إلخ، وياء المتكلم في محل جر بالإضافة. (بينهم): معطوف على ما قبله، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {فَتْحاً:}
يجوز أن يكون مفعولا مطلقا مؤكدا للفعل، وأن يكون مفعولا به، وجملة:{فَافْتَحْ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم مقدر ب:«إذا». {وَنَجِّنِي:} الواو: حرف عطف.
(نجني): فعل دعاء مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره:«أنت»، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، والجملة الفعلية